لاعتقادهم أن النبوة لا تكون إلاّ في ذرية بني إسرائيل وأن الرسالات السابقة لا يمكن أن تنسخ ﴿قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً﴾ لأن أشد الناس ضلالا من يكون ضالاّ ويعتقد أنه على حق، ويحاول إلقاء غيره في مثل ضلاله.
١٦٨ - ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا﴾ كفروا بعثة النبي ﷺ، وظلموا أنفسهم وغيرهم بضلالهم وإضلالهم ﴿لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً﴾ لأنهم ساروا على طريق الضلال بمحض اختيارهم وإصرارهم، فمن يسير على طريق يصل إلى منتهاه، والمعنى أن انتظار المغفرة من قبل هؤلاء كانتظار النقيض من النقيض، والضد من الضد، أو انتظار إبدال نظام العالم وسنته تعالى وحكمته في خلقه.
١٦٩ - ﴿إِلاّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً﴾ وهي منتهى طريق الضلال والإضلال ﴿وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً﴾ فلا يستعصي على قدرته تعالى وهو مقتضى حكمته وسنته.
١٧٠ - ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ﴾ خطاب إلى الناس كافة ﴿قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ الرسول مع أل التعريف هو النبي محمد ﷺ بالذات، جاءهم بالحق وهو القرآن الكريم، وهو النبي الموعود والمذكور صراحة في كتب اليهود والنصارى، وقد كانوا بانتظاره فلما جاءهم من ذرية إسماعيل رفضوه ﴿فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ لأن خير الإيمان يعود على صاحبه في الدنيا والآخرة، وأنّ الله تعالى غنيّ عن عباده وعن العالمين ﴿وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً﴾ عليما محيطا بشؤون عباده من المؤمنين والكفار لا يخفى عليه شيء من إيمانهم وكفرهم، حكيما في عاقبة أعمالهم وفي سننه فيهم.