يثيبهم على نفقاتهم، وليس المقصود أنّ النبي ﷺ لا يقبل منهم ما ينفقونه، لأن الشرع يقتضي أخذ الزكاة والنفقات منهم، فالحكم يبنى على الظاهر والله تعالى يتولّى السرائر ﴿إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ﴾ وهو السبب الذي من أجله لا تقبل صدقاتهم، والمراد بالفسوق الخروج عن دائرة الإيمان الذي هو شرط لقبول الأعمال مع الإخلاص بها، ويتضح هذا التعليل في الآية التالية:
٥٥ - ﴿فَلا تُعْجِبْكَ﴾ أيها النبي، أو أيها المؤمن ﴿أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ﴾ أي لا تستحسن كثرة أموال المنافقين وأولادهم، فقد أعمتهم عن الآخرة، واتصال المعنى مع ما قبله أنّ الأموال التي لا تقبل منها الصدقة ليست مدعاة للاستحسان ﴿إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا﴾ العذاب انعكاس لحالة الخوف والترقب والقلق التي يعيشونها مع تمتعهم بالثروة والأولاد، لكون الدنيا لديهم منتهى الأمل، فهي تسبب لهم الكثير من المتاعب والمنغصات والحسرات لشدة حبهم إياها، وتمسكهم بها، وتهالكهم عليها، وهم في حالة من الخوف والذعر (الآيات ٥٦ - ٥٧) إضافة لأنه ليس عندهم من الاعتقاد بثواب الله تعالى ما يهوّن عليهم ما يجدونه من المصاعب، ومنه قوله ﷺ: «هلك