﴿أي إنّ العاقبة الوخيمة تعاجل الطغاة في الدنيا قبل الآخرة، وفيها عبرة لمن يخشى الله: ﴿إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى﴾ (٢٦)
ثم تبين السورة أنّ الإعجاز في خلق الإنسان لا يقارن مع الإعجاز في خلق الكون الهائل، ومع ذلك يدّعي الإنسان الألوهية أو يظن بغروره أنه محور الكون: ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها * رَفَعَ سَمْكَها فَسَوّاها﴾ (٢٧ - ٢٨) أي سوّاها لما خلقت له، ونظيره قوله تعالى: ﴿لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ [غافر ٥٧/ ٤٠]،
ومعجزة تتابع الليل والنهار: ﴿وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها﴾ (٢٩)
وتمهيد الأرض لسكنى البشر والأنعام: ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها * أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها * وَالْجِبالَ أَرْساها * مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ﴾ (٣٠ - ٣٣) كل ذلك يوجب شكر الله على نعمائه،
ومع ذلك لا ينتهي غرور البشر إلا عند مواجهة الحساب: ﴿فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى * يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى﴾ (٣٤ - ٣٥)
فيكون عذاب جهنم نتيجة طبيعية لما كان عليه الطغاة في دنياهم: ﴿فَأَمّا مَنْ طَغى * وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى﴾ (٣٧ - ٣٩)
كما نعيم الجنة نتيجة طبيعية لمن تجنّب الهوى: ﴿وَأَمّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى﴾ (٤٠ - ٤١)
وأما قبل مجيء الطامّة الكبرى فالكافر بين الشك والتهكّم يتحدّى النبي بموعد مجيئها: ﴿يَسْئَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرْساها (٤٢)﴾