للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كمجتمعات جاهلية لأن الخطاب استمرار للآية المتقدمة ﴿بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ﴾ أي أن اليهود أولياء بعضهم البعض، والنصارى أيضا أنصار لبعضهم البعض، كما أن مجتمعات اليهود والنصارى قد تتحالف معا ضد الإسلام، وفي ذلك إخبار بالغيب لأن اليهود والنصارى كانوا أعداء بعضهم لبعض، قبل الإسلام وحتى عهد قريب، ولم يتحالفوا معا ضد المسلمين إلا بعد ثورة البروتستانت ونشوء التحالف البروتستانتي - اليهودي واستمراره إلى اليوم، وما صار يعرف بالمسيحية الغربية المتصهينة، أو الأصولية المسيحية، أو اليمين المسيحي المتطرف، ومغزى الآية أيضا أن يكون المسلمون أنصارا وحلفاء بعضهم لبعض ضد التحالف المسيحي - اليهودي ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ من يكون من المسلمين حليفا معهم ضد إخوانه، يكون كالخارج عن دينه، ولا يمنع ذلك مودة المسالمين منهم والإحسان إليهم، انظر آيات [الممتحنة ٦٠/ ٨ - ٩]، ﴿إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ﴾ المسلمون الذين يخالفون التوجيه الإلهي المذكور في هذه الآية فيتحالفون مع مجتمعات اليهود أو النصارى ضد بني دينهم، ويقيمون مجتمعاتهم على الجاهلية اليهودية أو النصرانية، أمثال هؤلاء يختارون طريق الضلال فيحرمهم تعالى من توفيقه وهديه.

﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ﴾ (٥٢)

٥٢ - ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ هم المنافقون ﴿يُسارِعُونَ فِيهِمْ﴾ يسارعون في التحالف مع دول اليهود والنصارى، وتقليدهم، حرصا على مصالحهم المادية، خاصة عند ما يكون اليهود والنصارى ذوي قوة عسكرية، وهيمنة اقتصادية وسياسية ﴿يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ﴾ المنافقون يخافون أن تدور الدائرة في المستقبل، لصالح دول اليهود والنصارى ضد المسلمين، فهم يريدون اتخاذ الحيطة سلفا، حفاظا على مصالحهم الآنيّة ﴿فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>