للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الألفاظ موضوعة في اللغة لذلك المعنى أصلا، ممّا يفتح الباب للباطنية على مصراعيه في تفسير ألفاظ القرآن الكريم بما يشاكل هذا الأسلوب ﴿تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ﴾ الكتاب الحكيم هو القرآن، قال أبو مسلم الأصفهاني، المعنى: من هذه الحروف ﴿الر﴾ وأمثالها تتألف آيات الكتاب الحكيم، وهذه الحروف في متناول أيديهم، ثم لا يستطيعون أن يأتوا بآية واحدة من مثل آيات الكتاب الحكيم، أمّا وصف القرآن بكونه حكيما فمن عدة وجوه: فهو الكتاب المشتمل على الحكمة، والحكيم أيضا بمعنى الحاكم - فعيل بمعنى فاعل - فهو يحكم بالحق، ويميز بين الاعتقادات الصحيحة والباطلة، والأعمال صوابها من خطئها، ويحكم بصدق النبوّة، ويدل على الحكمة والصواب، والحكيم أيضا بمعنى المحكم الذي لا يتطرق إليه الخلل ولا التناقض، لأنّ القرآن في منتهى الإحكام والإتقان، كما أنّه محكم لا ينسخ منه شيء بخلاف الرسالات السابقة التي نسخت، راجع آية [البقرة ١٠٦/ ٢].

﴿أَكانَ لِلنّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ﴾ (٢)

٢ - ﴿أَكانَ لِلنّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ﴾ ما وجه العجب أن يبعث الله تعالى بشرا رسولا؟ فقد قال بعضهم لبعض: ﴿وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ﴾ [المؤمنون ٣٤/ ٢٣]، وهذا القول يقوله الكثير من الكفار حتى اليوم، فلو كان المبعوث فوق جنس البشر، أو من جنس الملائكة لأشكل الأمر عليهم، قال تعالى ﴿وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلاّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ﴾ [الأنبياء ٧/ ٢١]، وهذا الرجل منهم، محمد ، عرفوا صدقه وأمانته وطهارته قبل أن يبعث نبيّا، والله تعالى لا يترك عباده بلا هداية، فماذا يريد المكابرون كي يؤمنوا؟

﴿أَنْ أَنْذِرِ النّاسَ﴾ مهمة الرسول إنذار الناس كافة، أي إعلامهم بالتوحيد والبعث والحساب ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ منهم واستجابوا لله وللرسول ﴿أَنْ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>