للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد يكون كافرا أو مؤمنا لا يصلّي، فجاء من ذريته بنو إسماعيل الذين خرجت منهم قريش وبعث فيهم خاتم الأنبياء والرسل، ومن ذريته أيضا بنو إسرائيل من إسحاق الذين توهمت غالبيتهم أنهم الشعب المختار دائما وأبدا على مرّ الزمن مهما انغمسوا في الكفر والإجرام وانتكسوا إلى الوثنية، وهذا من سننه تعالى في خلقه ومن تكريمه بني آدم أن ترك لهم حرية الخيار في الحياة الدنيا ﴿رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ﴾ بجعلي وجعل بعض من ذريتي مقيمي الصلاة.

﴿رَبَّنَا اِغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ﴾ (٤١)

٤١ - ﴿رَبَّنَا اِغْفِرْ لِي﴾ ما فرط من ذنوبي ﴿وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ﴾ وفي هذا الدعاء عبرة كي لا يعيش الإنسان في دائرة ذاتية قاصرة على نفسه، فلا يقتصر بالدعاء لنفسه فقط، بل يكون منفتحا على الآخرين فيدعو لوالديه وللمؤمنين من أمّته، فيحب لإخوانه ما يحب لنفسه.

﴿وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمّا يَعْمَلُ الظّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ﴾ (٤٢)

٤٢ - بعد أن طلب ابراهيم المغفرة من الله تعالى يوم يقوم الحساب تنبّه هذه الآية إلى يوم الحساب الذي تشخص فيه الأبصار: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمّا يَعْمَلُ الظّالِمُونَ﴾ أي في حال رأيتهم يتمتّعون بالحياة الدنيا دون عقاب على ظلمهم فلا تظن أنهم ناجون ﴿إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ﴾ ﴿لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ﴾ وهو يوم الحساب، والمعنى أنه تعالى يمهلهم في الحياة الدنيا لعلهم يثوبوا إلى رشدهم، ولأن حكمته تعالى اقتضت أن تكون للناس حرية الإرادة والاختيار في الحياة الدنيا بما يترتب على ذلك من مسؤولية، فإذا انقضى أجلهم وانقطعت فرصة توبتهم كان حسابهم يوم القيامة على خالقهم، يوم تشخص أبصارهم في حالة من الذهول والعجز والدهشة والحيرة أمام أهوال القيامة.

﴿مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ﴾ (٤٣)

٤٣ - ﴿مُهْطِعِينَ﴾ أي برغم شخوص أبصارهم وذهولهم فإنهم مهطعين، أي مسرعين نحو البلاء الذي ينتظرهم ﴿مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ﴾ رافعي رؤوسهم أمام

<<  <  ج: ص:  >  >>