للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المستغفرون، وهذه الآية من قبيل إعلام النبي بالغيب بأنّ هؤلاء لن يتوبوا ويموتون على الكفر، ونظير ذلك قوله تعالى: ﴿تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ [المسد ١/ ١١١] لأن الآية إخبار بموته على الكفر، وفي الآية (١١٣) سوف يرد النهي عن الاستغفار لمن تبين أنهم من أصحاب الجحيم، أي المصرّين على الكفر بلا رجعة، والذين ماتوا على الشرك ﴿وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ﴾ الذين فقدوا الاستعداد للتوبة والهداية فلا يجدون إليهما سبيلا، وتلك سنته تعالى في خلقه أنه لا يهدي المصرّين على التمرد والنفاق.

﴿فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ﴾ (٨١)

٨١ - استمرار الخطاب الذي بدأ في الآية (٣٨)﴾ بدعوة الناس إلى النفير مع النبي في غزوة تبوك، وقد تخلف المنافقون عن الخروج معه، وفيه المزيد من وصف مساوئهم وسلوكهم:

﴿فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ﴾ الذين تخلفوا عن اللحاق بالنبي في غزوة تبوك ﴿بِمَقْعَدِهِمْ﴾ فرحوا بقعودهم في المدينة، لأنهم غير مؤمنين بما في الخروج مع النبي من الأجر العظيم الذي لا يقارن معه شيء من راحة القعود في البيوت ولا غيره ﴿خِلافَ رَسُولِ اللهِ﴾ قعدوا مخالفة لأمر رسول الله في النفير، وهم من ثمّ قعدوا خلافه، أي خلفه، والنتيجة أنهم فرحوا بالقبيح من عملهم المتضمن خلاف رسول الله ، لأنهم كرهوا الجهاد في سبيل الله: ﴿وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ لكونهم يقيسون الأمور بمعيار الفوائد الدنيوية المادية الفورية البحتة، وهم غير مؤمنين بالثواب العظيم المترتب على الجهاد ﴿وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ﴾ قالوه لأمثالهم من المنافقين، أو قالوه للمؤمنين تثبيطا لهم ﴿قُلْ﴾ لهؤلاء المنافقين ﴿نارُ جَهَنَّمَ﴾ وهي عاقبة الكفار والعصاة ﴿أَشَدُّ حَرًّا﴾ من حر الصيف الذي ترونه مانعا لكم من الجهاد ﴿لَوْ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>