٨٢ - ﴿فَلَمّا جاءَ أَمْرُنا﴾ وهو قضاؤه تعالى فيهم ﴿جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها﴾ قلبنا أرضها وقراها ﴿وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ﴾ السجّيل من السجلّ، وهو الكتاب، تقديره مكتوب من الأزل في علم الله القديم، ومنضود بمعنى أنّ تلك الحجارة كان بعضها فوق بعض في النزول، وسجّيل أيضا سجّين، من النار، فتكون حجارة من الحمم البركانية تبعتها الزلازل خسفت بهم الأرض، وجعلت عاليها سافلها،
٨٣ - ﴿مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ﴾ لها علامة خاصة في علم ربّك، فلا تصيب غير أصحابها ﴿وَما هِيَ مِنَ الظّالِمِينَ بِبَعِيدٍ﴾ يعني بهم كفار مكة في وقته، وموقعها قريب منهم يمروّن به في أثناء تجارتهم إلى بلاد الشام، وهي أيضا عبرة لكل الأقوام الظالمة في كل زمان، وإن كان العذاب يختلف باختلاف الأحوال.
٨٤ - ﴿وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً﴾ وهي القصة الخامسة، وردت في القرآن الكريم مفصلة وبعبر متنوعة في سورتي الأعراف وهود، كما أشير إليها بإيجاز لبيان عبر أخرى في سور التوبة، طه، الحج، القصص، والعنكبوت، انظر شرح آية [الأعراف ٨٥/ ٧] للتفاصيل عن أهل مدين، ونبيهم شعيب ﴿قالَ يا قَوْمِ اُعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ﴾ وهي دعوة التوحيد التي يبدأ بها كل الأنبياء والرسل دعوتهم ﴿وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ﴾ في تجارتكم، وها هنا نلحظ اقتران الدعوة إلى التوحيد، مع الدعوة إلى العدالة في تعامل الناس بعضهم مع بعض، وهما دعوتان توأمان، لا تنفك إحداهما عن الأخرى في القرآن الكريم بغض