وقد ذكر الألوسي في روح المعاني إنّ اخوة يوسف لم يكونوا أنبياء، ونقل عن ابن تيمية قوله: ليسوا بأنبياء وليس في القرآن ولا في الحديث ما يؤيد نبوتهم، وإنما احتج من قال بإنهم نبئوا بقوله تعالى ﴿وَالْأَسْباطَ﴾ [البقرة ١٤٠/ ٢] و [النساء ١٦٣/ ٤]، وفسروا ذلك بأولاد يعقوب، والصواب أنه ليس المراد بهم أولاده لصلبه بل ذريته كما يقال: بنو إسرائيل، وكما يقال لسائر الناس بنو آدم، كما أن قوله تعالى ﴿وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ * وَقَطَّعْناهُمُ اِثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً﴾ [الأعراف ١٥٩/ ٧ - ١٦٠] صريح في أن الأسباط هم الأمم من قوم موسى من بني إسرائيل، فلا معنى لتسمية أبناء يعقوب الاثني عشر أسباطا قبل أن تنتشر عنهم الذرية، فتخصيص الأسباط في الآية ببني يعقوب لصلبه غلط لا يدل عليه اللفظ ولا المعنى، ومن ادعاه فقد أخطأ خطأ بينا، والصواب أيضا أنهم سمّوا أسباطا من عهد موسى ﵇ وليس قبله، ومما يؤيد ذلك قوله تعالى: ﴿وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ﴾ [الأنعام ٨٤/ ٦] فذكر يوسف ولم يذكر الأسباط، أضف لذلك أن القرآن لم يذكر عن أحد من الأنبياء قبل النبوة ولا بعدها أنه اقترف مثل هذه الأمور المنكرة من عقوق الوالدين وقطيعة الرحم وإرقاق الأخ وبيعه والكذب البيّن، فلو لم يكن دليل على عدم نبوتهم سوى صدور هذه الأمور العظام عنهم لكفى، لأن الأنبياء - عند الأكثرين - معصومون عن صدور مثل هذه الذنوب قبل النبوة وبعدها، ومما يؤيد ذلك اعترافهم ليوسف بقولهم له: ﴿قالُوا تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا وَإِنْ كُنّا لَخاطِئِينَ﴾ (٩١)، أي الله تعالى آثرك علينا بمنصب النبوة، ولأن جميع المناصب تكون كالعدم بالنسبة إليه وأن أحوال الدنيا لا يعبأ بها في جنب منصب النبوة (الرازي).