﴿تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ﴾ الاعتكاف هو المكوث في المسجد بعيدا عن مشاغل الدنيا بقصد التعبد والتأمّل ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللهِ﴾ أي التي تحدد الأعمال ﴿فَلا تَقْرَبُوها﴾ مجرّد الاقتراب منها، وهو إرشاد إلى الاحتياط في أمرها ﴿كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آياتِهِ لِلنّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ المعاصي.
١٨٨ - بعد تشريع الصيام وأحكامه بالآيات (١٨٣ - ١٨٧)، تبين هذه الآية أن العبادة يجب أن تكون مشفوعة بالاستقامة:
﴿وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ﴾ حرّم الاستيلاء على المال دون وجه حق، سواء كان الاستيلاء عنوة أو بالغش أو الاحتيال أو بأكل الربا أو أكل الأجور، ولفظ ﴿أَمْوالَكُمْ﴾ بالجمع، إشعارا بوحدة الأمة وتضامنها ولأنّ التعدّي على مال الآخرين يعرّض كل مال للضياع ﴿وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النّاسِ بِالْإِثْمِ﴾ أي لا ترشوا الحكام لتأكلوا أموال الناس ﴿وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ وأنتم تعلمون أنكم على الباطل، ومن مغزى الآية أيضا تحريم استخدام الأحابيل - القانونية - للاستيلاء على حقوق الآخرين، أخرج ابن ماجه عن أبي ذر أنه سمع النبي ﷺ يقول:«من ادّعى ما ليس له، فليس منّا، وليتبوّأ مقعده من النار».
١٨٩ - ﴿يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنّاسِ وَالْحَجِّ﴾ الإشارة إلى الشهور القمرية التي بها يتحدد شهر الصوم وشهر الحج، وبحيث يدور شهر الصوم وموسم الحج على فصول السنة الشمسية، فيترتّب على ذلك تغيّر فترة الصيام قصرا وطولا بين الفجر والمغيب، وتغير حصول الصيام والحجّ بين فصول