للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كيلومترا إلى الشمال الشرقي من جزيرة ابن عمر الواقعة بأقصى الشمال الشرقي من منطقة الجزيرة السورية، والجوديّ جزء من سلسلة جبال آرارات الممتدة من أرمينية حتى كردستان ﴿وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ الذين عبدوا الهوى دون الحق، وجعلوا الطبيعة مكان الشريعة، والمعنى هلاكا لهم وبعدا، بحيث لا يرجى عودتهم، وخصّ بدعاء السوء

﴿وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ اِبْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ﴾ (٤٥)

٤٥ - ﴿وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ﴾ بعد رسو السفينة على الجوديّ ﴿فَقالَ رَبِّ إِنَّ اِبْنِي مِنْ أَهْلِي﴾ وقد وعدتني بنجاة أهلي ﴿وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ﴾ الثابت الذي لا شك في إنجازه والوفاء به ﴿وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ﴾ أعلم الحكام وأعدلهم، وقد يكون أنّ سؤال نوح عن حال ابنه في الآخرة، لعلمه أن سبق عليه القول بالغرق (الآية ٤٠)، ويحتمل أيضا أنّ نوحا التبس عليه أمر ابنه إن كان من الذين سبق عليهم القول أم لا، إذ لم يكن مطلعا على باطن أمره فلذلك سأل.

﴿قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ﴾ (٤٦)

٤٦ - ﴿قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ﴾ المعنى هو ليس من أهلك الذين وعدتك بنجاتهم، لأن الوعد مقتصر على نجاة من آمن من أهل نوح وباستثناء الكافرين منهم ممّن سبق عليه القول، كما يحتمل المعنى أيضا أنّ الابن ليس من أهل نوح أي ليس من أهل دينه، فيكون عماد الأهلية هو القرابة الدينية التي تنقطع بالكفر ﴿إِنَّهُ﴾ أي الابن ﴿عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ﴾ أي ذو عمل غير صالح، بحذف المضاف لجعل الابن كأنه العمل الفاسد نفسه للمبالغة، ويحتمل تقدير الخطاب أيضا: إنه - أي الابن - عمل عملا غير صالح ﴿فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ ممّا هو في علم الغيب أو ممّا ليس لك به علم صحيح أنّه حق وصواب ﴿إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ﴾ الذين يسألون أن يبطل تعالى تشريعه أو حكمته وتقديره في خلقه إجابة لشهواتهم وأهوائهم في أنفسهم وأهليهم ومحبيهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>