١٧ - ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ﴾ من أمثال تلك القرى المشار إليها آنفا ﴿وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً﴾ فيحاسبهم عليها،
١٨ - ﴿مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ﴾ وهي الدنيا الفانية، يريدها مكتفيا بها، وجاعلها منتهى أمله، ناسيا آخرته ﴿عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ﴾ من متاع الدنيا ﴿لِمَنْ نُرِيدُ﴾ من الضلاّل والجاحدين، والمعنى أنّ الله تعالى يرزق المؤمن والكافر على السواء بحب سننه في الخلق، ولو اقتصر الرزق على المؤمنين دون غيرهم لأصبح الإيمان إلجاء ممّا ينافي التكليف، وقوله ﴿لِمَنْ نُرِيدُ﴾ يفيد أن الكثير من الضالّين يعرضون عن الدين طلبا للدنيا، فيخسرون الدين والدنيا معا ﴿ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها﴾ جزاء وفاقا ﴿مَذْمُوماً﴾ على ما كان عليه من طلب الدنيا ونسيان الآخرة ﴿مَدْحُوراً﴾ عاجزا لا يقدر على شيء،
١٩ - ﴿وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ﴾ في مقابلة من أراد الدنيا فقط ﴿وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾ السعي للآخرة مرتبط بالإيمان، فيكون السعي الدنيوي وفق الضوابط القرآنية ﴿فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً﴾ يثابون عليه،
٢٠ - ﴿كُلاًّ نُمِدُّ هؤُلاءِ﴾ ممّن يريد العاجلة ﴿وَهَؤُلاءِ﴾ ممّن يريد الآخرة ﴿مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ﴾ لأن الدنيا دار ابتلاء وتكليف، والكل مخلوقون في دار العمل ﴿وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً﴾ عن الطرفين من طلاب الدنيا أو طلاب الآخرة، وإلاّ لصار الإيمان إلجاء، ومن اتبع سنن الله في الخلق وصل، مؤمنا كان أم كافرا،