للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوحي، ويوفّق من شاء إلى الهداية ﴿أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ﴾ سبحانه ﴿أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ﴾ لأنّه المصدر الوحيد للهدى ﴿أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدى﴾ الشركاء المزعومون بحاجة لمن يهديهم فكيف يهدون غيرهم ﴿فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ بالباطل؟

﴿وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاّ ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ﴾ (٣٦)

٣٦ - ﴿وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاّ ظَنًّا﴾ أكثر الناس يتّبعون الظن والتخمين، لأنهم إمّا متمسكون بتقليد ما توارثوه عن الآباء والأجداد، أو يبتدعون النظريات والعقائد من عند أنفسهم بلا دليل ولا برهان قطعي ﴿إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً﴾ تتمة الخطاب من الآية السابقة: أنّ الله تعالى يهدي إلى العلم اليقيني والاعتقاد الصحيح، بما وهب الناس من العقل والفكر وبعث الرسل وتنزيل الوحي، في حين أنّ المشركين والضالين يتّبعون الظن، وهو لا يغني من العلم اليقيني شيئا، ولذلك قالوا إنّ إيمان المقلّد العالم غير صحيح ﴿إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ﴾ وهذه نقطة ثانية منبثقة عن الإيمان، لأن الإيمان يترتب عليه العمل، فالله تعالى عليم بما يفعلون بمقتضى اعتقاداتهم الظنية، والقطعية، فيحاسبهم على أعمالهم بمقتضى كل منها.

فما كان قطعي الثبوت، قطعي الدلالة، وهو الشرع العام الذي لا يجوز للمسلمين الاختلاف فيه، فهو أساس وحدتهم، وما دون ذلك لا يؤخذ به في العقيدة، بل هو متروك للاجتهاد في الأعمال،

﴿وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ﴾ (٣٧)

٣٧ - عودة إلى موضوع الآية (١٧)﴾، فبعد أن ذكرت الآية السابقة أن أكثرهم يتّبعون الظن، بدلا من اتّباع العلم اليقيني الذي تضمّنه الوحي، تذكر هذه الآية والآيات التي تليها إعجاز القرآن واستحالة افترائه من بشر:

<<  <  ج: ص:  >  >>