للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استخدام العقل على النحو السليم: ﴿وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ (٦٨ - ٦٧)،

﴿لكنهم أصرّوا على تغييب الحقيقة عن ناظرهم رغم بعث الرسل ودلائل القدرة الإلهية والخلق ومعجزات الكون: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ أَنّى يُصْرَفُونَ﴾ (٦٩)،

ولم يعوا الكتب والوحي والرسل، فإنكار القرآن إنكار لكل ما سبقه من الكتب والوحي: ﴿الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا﴾ (٧٠) ثم يأتي إدراكهم للحقيقة متأخرا وبعد الفوات: ﴿فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النّارِ يُسْجَرُونَ * ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِ اللهِ﴾ (٧٠ - ٧٤) وحينئذ يدركون ويقرّون أنّ ما كانوا يعبدون من قوى خيالية وقيم زائفة وسلطة مادية بنتيجة الجري وراء الدنيا لم تكن جميعا سوى وهم محض: ﴿قالُوا ضَلُّوا عَنّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً﴾ (٧٤) غير أن ضلالهم كان بمحض اختيارهم فالله تعالى لم يكن ليجبرهم على الهدى: ﴿كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ﴾ (٧٤) بل يتركهم لخيارهم،

إذ يخدعون أنفسهم باتّباع الأهواء والحماقات: ﴿ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ﴾ (٧٥)،

ثمّ يحصدون جزاء تكبّرهم: ﴿اُدْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ﴾ (٧٦)،

فما على الرسول إذن، وبالتالي على كل مؤمن، سوى الصبر، فالحياة الدنيا ليست سوى برهة وجيزة أمام الحياة الآخرة حيث تتحقق العدالة على أتم وجه:

﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَإِمّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (٧٧)﴾،

<<  <  ج: ص:  >  >>