﴿لكنهم أصرّوا على تغييب الحقيقة عن ناظرهم رغم بعث الرسل ودلائل القدرة الإلهية والخلق ومعجزات الكون: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ أَنّى يُصْرَفُونَ﴾ (٦٩)،
ولم يعوا الكتب والوحي والرسل، فإنكار القرآن إنكار لكل ما سبقه من الكتب والوحي: ﴿الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا﴾ (٧٠) ثم يأتي إدراكهم للحقيقة متأخرا وبعد الفوات: ﴿فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النّارِ يُسْجَرُونَ * ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِ اللهِ﴾ (٧٠ - ٧٤) وحينئذ يدركون ويقرّون أنّ ما كانوا يعبدون من قوى خيالية وقيم زائفة وسلطة مادية بنتيجة الجري وراء الدنيا لم تكن جميعا سوى وهم محض: ﴿قالُوا ضَلُّوا عَنّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً﴾ (٧٤) غير أن ضلالهم كان بمحض اختيارهم فالله تعالى لم يكن ليجبرهم على الهدى: ﴿كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ﴾ (٧٤) بل يتركهم لخيارهم،
إذ يخدعون أنفسهم باتّباع الأهواء والحماقات: ﴿ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ﴾ (٧٥)،