للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من بني إسماعيل، وللآية أيضا مغزى عامّ فإنه تعالى يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممّن يشاء وفق السنن المطّردة التي وضعها في خلقه فالعدل والإصلاح وحسن السياسة كلها تؤدي إلى نشوء واستمرار الملك في حين أن الفساد والظلم يؤديان إلى زوال الملك وانهيار الدول ﴿وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ لأنّ كل أفعاله تعالى من نافع وضار صادر عن الحكمة والمصلحة فهو خير كله.

﴿تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ﴾ (٢٧)

٢٧ - ﴿تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ﴾ وذلك من دلائل قدرته تعالى في التصرّف بخلقه كيف يشاء، وتعبير إيلاج الليل في النهار وبالعكس من إعجاز القرآن، لأنه يستوجب كروية الأرض، فالليل والنهار يزحفان حول الأرض باستمرار يدخل أحدهما في الآخر، فمن جهة يكون النهار داخلا في الليل ومن جهة أخرى يكون العكس ﴿وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ﴾ أي المؤمن من الكافر، والصالح من الطالح ﴿وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ﴾ الكافر من المؤمن، والشرّير من الصالح، وهو شبيه بقوله تعالى: ﴿أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ﴾ [الأنعام: ٦/ ١٢٢] أي كافرا فهديناه، فجعل تعالى الكفر موتا والإيمان حياة، فبمقتضى سننه الكونية أخرج تعالى العرب الأميين من الموت إلى الحياة، كما أخرج أشرارا مفسدين من اليهود من سلالة كبار الأنبياء والصدّيقين، ولا يمتنع أيضا تفسير الآية على ظاهرها كخروج النبات من الأرض الميتة ثم موت النبات، أو كإحياء الانسان من العدم ثم موته ﴿وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ﴾ ليس من يدري الحكمة والمصلحة في توزيع الرزق على الناس، والمغزى أن لو كان الرزق مقتصرا على المؤمنين لبطل الاختبار والتكليف في الدنيا ولضار الإيمان قسريا وانتفت حرية الخيار لبني آدم، انظر آيات [البقرة ٢/ ٣٦، ١٢٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>