للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ﴾ (١٧٧)

١٧٧ - ﴿ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا﴾ أي ساء مثلا مثل المكذّبين بالآيات، لأن من أسوأ الأمور التكذيب بالآيات بعد أن استيقنتها النفوس، انظر [آية النمل ١٤/ ٢٧]، ﴿وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ﴾ أسوأ ما في الأمر أنهم بالتكذيب بالآيات يظلمون أنفسهم قبل غيرهم، والأسوأ أنهم على علم بصحتها، أو لديهم المقدرة على إدراك صحتها.

﴿مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ﴾ (١٧٨)

١٧٨ - ﴿مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ﴾ هذه الآية نتيجة منطقية لما سبق من الآيات (١٧٢ - ١٧٧)، بأن من يختار اتباع الفطرة والآيات فهو المستفيد من الهدي الإلهي، وأما من يختار مناقضة الفطرة والمكابرة وتجاهل الآيات، كما هو مبين في الآية التالية، فيضلّ عن السبيل وتؤول عاقبته إلى الخسران في الدنيا والآخرة.

﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ﴾ (١٧٩)

١٧٩ - ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ﴾ أي نشرنا لجهنم لأن معنى الذرء: النشر والبث، ومنه الذاريات أي الرياح، انظر آية [الكهف ٤٥/ ١٨]، ﴿كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ﴾ أي بنتيجة انسلاخهم عن الآيات (١٧٥)﴾، اختاروا ظلم أنفسهم بالتكذيب بها، مصيرهم إلى جهنم، وهم ذوو الصفات التالية: ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها﴾ لا يستفيدون من ملكة الفكر في فهم الحقيقة والدلائل والآيات وسنن الله تعالى في خلقه، فهم لا يفقهون ما تصلح به نفوسهم من التوحيد والابتعاد عن الخرافات والأوهام، ولا يفقهون ترك الشرور والمنكرات والحرص على الفضائل وأعمال الخير، ولا يفقهون أسباب النصر على الأعداء من معنوية وأخلاقية واجتماعية ومادية ﴿وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها﴾ لا يبصرون إبصار

<<  <  ج: ص:  >  >>