للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿فَلَمّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ﴾ (١٦٦)

١٦٦ - ﴿فَلَمّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ﴾ لمّا تكبروا عن ترك ما نهوا عنه، رغم العذاب الشديد الذي نزل بهم، ولم يزدهم العذاب إلاّ إصرارا على الكفر والفسوق ﴿قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً﴾ وردت الإشارة لذلك أيضا في آية [البقرة ٦٥/ ٢]، قال بعض المفسرين إن أشكالهم صارت تشبه القردة، وقيل بل التحول إلى قردة بالمعنى المجازي، أي صاروا كالقرود مجرّدين من السمو الروحي الذي يتمتع به البشر، وأنه تعالى مسخ قلوبهم بمعنى الطبع والختم، فلم يوفّقوا لفهم الحق، وليس أنه مسخ صورهم، وهو شبيه بقوله تعالى ﴿كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً﴾ [الجمعة ٥/ ٦٢]، ولأنّ الإنسان إذا أصر على جهالته بعد ظهور البينات فالعرب تقول عنه مجازا أنه حمار أو قرد ﴿خاسِئِينَ﴾ أي ذليلين مطرودين، وهذا العقاب ليس لانتهاكم حرمة السبت فقط وإنما بنتيجة معاصيهم المستمرة، والدليل على كونهم قردة خاسئين أنّ سلوكهم عبر التاريخ وتجاه غيرهم من الأمم لا يخلو من السمو الروحي فحسب، بل هو سلوك العنصرية المقيتة المحضة، فهم يسمّون باقي البشر أغيارا ويعتبرونهم صنفا دونيّا من الناس، ونصّوا على استعبادهم واستغلالهم في كتبهم التلمودية وفي توراتهم وفي كتب العهد القديم التي يسمّونها مقدسة والتي حرّرها أحبارهم.

﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (١٦٧)

١٦٧ - ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ﴾ تأذّن أي جعل معلوما، وذلك بعد نزول العذاب البئيس بالذين ظلموا منهم، وبعد مسخهم قردة خاسئين ﴿لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ﴾ أي ليسلطنّ على الذين بقوا مصرّين على المعصية منهم، من يعذّبهم في الدنيا إلى يوم القيامة، وقد تكررت الإشارة إلى ذلك في آية [المائدة ٣٣/ ٥]، وهذه الآية من قبيل الإخبار بالماضي والمستقبل، ومن سوء العذاب الذي حلّ باليهود تاريخيا: أولا: سقوط مملكة إسرائيل بعاصمتها

<<  <  ج: ص:  >  >>