للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة ٧/ ٩٩ - ٨]، ولأن عاقبة المرء في الآخرة ليست سوى نتيجة طبيعية لما كان عليه في دنياه،

﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ﴾ (٥٢)

٥٢ - ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ الدأب هو العادة والمواظبة على الشيء، والمعنى أن دأب هؤلاء الكفار من مشركي قريش وغيرهم، مثل دأب آل فرعون ومثل دأب الأقوام الكافرة من قبلهم ﴿كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ﴾ كان دأبهم جميعا هو الكفر بآيات الله لمّا جاءتهم ﴿فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ﴾ وتلك سنّته تعالى في خلقه، أن يأخذ الكفار بسبب ذنوبهم، وينصر رسله وعباده المؤمنين ﴿إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ﴾ فلا يفوته ظالم، ولكل شيء أجل، وفي الحديث: «إن الله تعالى ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته».

﴿ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ (٥٣)

٥٣ - ﴿ذلِكَ﴾ إشارة إلى سنته تعالى التي لا تبديل لها، أن يأخذ الكفار بذنوبهم ﴿بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ﴾ وهي نعمه تعالى عليهم ببعث الرسل، وبالهداية، وبالعقل، والنعم المادية، وتمكينهم في الأرض، فإن كفروا تلك النعم بأن لم يستفيدوا منها، ولم يستخدموها بالطريق الصحيح، كان ذلك سببا لانحطاطهم أو هلاكهم ﴿حَتّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ﴾ من اتباع العقائد الفاسدة، وما يترتب على فساد العقيدة من تدهور الأخلاق وضلال العمل، وهذه السنّة مطّردة في الأمم فهي قانون اجتماعي، وهي أيضا في الأفراد، سوى أنها قد لا تكون مطردة فيهم لقصر أعمارهم عن بلوغ أثر التغيير غايته ﴿وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ﴾ لما يقوله المكذّبون ﴿عَلِيمٌ﴾ بما يفعلون وما يستحقون.

﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كانُوا ظالِمِينَ (٥٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>