﴿وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ﴾ وهو الميثاق الذي أخذه موسى على قومه، انظر آية [النساء: ٤/ ١٥٤]، نسبه تعالى إلى ذاته العلية كونه أخذ عن طريق رسوله موسى، وهو شبيه بالميثاق المذكور في آية [المائدة: ٥/ ٧]، الذي أخذه تعالى على المسلمين عن طريق نبيّه محمد ﷺ ﴿وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اِثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً﴾ التغيير في الضمائر من الغائب إلى المتكلم، ثم إلى الغائب، الغرض منه بيان أنه تعالى ليس كالبشر، بل ليس كمثله شيء، فلا يمكن التعبير عنه بضمائر الأشخاص، أمّا النقيب فهو الذي ينقّب عن الأسرار ويتحرّى أحوال الناس ويستخبر عنها، وهو أيضا العريف الذي يرأس الجماعة ويكون مسؤولا عنها وعن مصالحها، والاثنا عشر نقيبا: واحد من كل سبط من أسباط بني إسرائيل الاثني عشر، وهي القبائل التي انحدرت من سلالة يعقوب بن اسحاق بن إبراهيم ﵈، وقد اختار موسى نقيبا من كل سبط يرعى مصالح قبيلته ويشرف على تربيتها الدينية والتزامها بالشريعة ﴿وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ﴾ الخطاب موجّه إلى بني إسرائيل، وقد وعدهم تعالى بالنصر والتوفيق بشرط التزامهم بالصلاة والزكاة، والإيمان بالرسل جميعا، بمن فيهم النبي محمد ﷺ المذكور صفته ومجيئه في كتبهم، وعزرتموهم: أي نصرتموهم ﴿وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً﴾ اشترط عليهم الإنفاق في سبيل الله والقيام بالعمل الصالح، وهو غير الزكاة التي سبق ذكرها، روى الترمذي عن فاطمة بنت قيس عن النبي ﷺ أنه قال:«إنّ في المال حقا سوى الزكاة» ﴿لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ﴾ فيزول تأثير سيئاتكم الماضية ﴿وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ﴾ ثوابا لكم ﴿فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ﴾ أي الطريق الصحيح، لأن الكافر يخطيء الهداية الإلهية، وهي طريق الاعتدال والتوازن في حياة الفرد والمجتمع، فيتّبع بدلا منها ما تمليه عليه أهواؤه ورغباته المادية المحضة.