الله ثمانية أزواج -.، وهو تبكيت لهم على تحريم أكل بعض لحومها أو تحريم أكل ما في بطون بعضها من اللبن أو الأجنّة:
﴿ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ﴾ الواحد إذا كان وحده فهو فرد، فإذا اجتمع معه غيره من جنسه سمّي كل فرد منهما زوجا، فالزوج ضد الفرد، وكلّ واحد من القرينين الذكر والأنثى في الحيوانات المتزاوجة يسمّى زوجا وهما زوجان، والدليل قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى﴾ [النجم: ٥٣/ ٤٥]، وقوله تعالى: ﴿مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ﴾ [هود: ١١/ ٤٠]، وقوله جلّ ثناؤه ﴿ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ﴾ ثم فسّرها بقوله - من الضأن اثنين، ومن المعز اثنين، ومن الإبل اثنين، ومن البقر اثنين، فالمجموع ثمانية، وقد يطلق الزوج أيضا على مجموع الزوجين ولكنه غير مراد في هذه الآية وإلاّ كانت أربعة أزواج، وعلى هذا تكون كلمة (اثنين) صفة كما في قوله تعالى: ﴿لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اِثْنَيْنِ﴾ [النحل: ١٦/ ٥١]، والزوج أيضا القرين لقوله تعالى: ﴿اُحْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ﴾ [الصافات: ٣٧/ ٢٢] أي وقرناءهم.
﴿مِنَ الضَّأْنِ اِثْنَيْنِ﴾ يعني الذكر والأنثى: الكبش والنعجة ﴿وَمِنَ الْمَعْزِ اِثْنَيْنِ﴾ التيس والعنز، ومفردها ماعز ﴿قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اِشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ أي قل لهم أيها الرسول: أحرّم الله الذكرين الكبش والتيس، أم حرّم الأنثيين النعجة والعنز، أم حرّم الأجنّة التي اشتملت عليها أرحام الأنثيين؟ والاستفهام للإنكار، أي إنه تعالى لم يحرم شيئا من هذه الثلاثة، ومغزى الآية إبراز التناقض والغموض في خرافاتهم التي يفرضونها على أنفسهم وعلى غيرهم ﴿نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ﴾ يقيني، وليس بالظن أو التخمين أو التقليد ﴿إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ في دعواكم بالتحليل والتحريم، والمعنى أنكم لا تقرّون بشريعة سماوية، فكيف تحكمون بأن هذا حلال وهذا حرام، وشريعة أي نبي هذه التي تحرّمون وتحلّون بموجبها؟ والمغزى من كل ذلك أن الأصل في الأمور الحلّ إلاّ ما حرّمه تعالى بالوحي صراحة.