للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ﴾ (٣٠)، وإن عناد المصرّين على الكفر سببه أنّ حقائق الوحي غير معروفة لديهم، كما أنهم لا يبذلون المجهود الكافي للاطلاع عليها وتقويم الرسالة من حيث جدارتها: ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ (٢٤)، وإن الإنسان مبتلى في دنياه بالشر والخير، ثم لا مفر له من المعاد والحساب: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ﴾ (٣٥)، وإنه عجول قليل الصبر يستبق الأمور فيرفض الإيمان بالمعاد والحساب: ﴿خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ﴾ (٣٧)، رغم أن الرحمن وحده حافظ للناس على الدوام: ﴿قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ﴾ (٤٢).

وأنّ الإنسان يغتر بطول العمر حتى يظنّ أن الرخاء الذي يتمتع به دائم إلى الأبد وينسى أن الأيام دول: ﴿بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلا يَرَوْنَ أَنّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَفَهُمُ الْغالِبُونَ﴾ (٤٤)، ولكن لا سبيل لسماع من صمّوا آذانهم عن الحق: ﴿وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ﴾ (٤٥)، إذ ينكرون القرآن الكريم رغم كثرة خيراته: ﴿وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ﴾ (٥٠)، وإن الله تعالى لا يهلك المجتمعات ببعض أخطائها، بل لإصرارها على الاستغراق بضلالها، فلا ترجع إلى جادة الصواب فتهلك: ﴿وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ﴾ أي لا يرجعون عن غيّهم (٩٥)، وإن رحمة الرحمن وحده، الذي وسعت رحمته كلّ شيء، تحفظ الإنسان رغم محاولاته تجسيد الإله وعبادة الأوهام والأصنام:

﴿وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ﴾ (١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>