للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغيب ﴿إِنَّكَ أَنْتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ﴾ المغزى أن عيسى لم يسمع بادعاء الألوهية له ولوالدته أثناء وجوده على الأرض، وأن المسيحية ابتكرت هذا الاختلاق بعد رفع المسيح، وأن علاّم الغيوب يعلم ذلك، في حين لم يعلمه عيسى، بدليل تتمة الخطاب بالآية (١١٧).

والملاحظ أنه لا يوجد في الكتاب المقدس The Bible عند النصارى أي إشارة إلى تأليه أو تقديس السيدة مريم، كما أنه خلال ثلاثة قرون بعد المسيح كانت فكرة تأليه أو تقديس السيدة مريم غريبة على المعتقد المسيحي، ولكن نحو نهاية القرن الثالث الميلادي بدأ رجال الكهنوت في الإسكندرية يستخدمون تعبير - والدة الإله - كناية عن مريم، ومن ثم بدأت تنتشر فكرة تقديسها، رغم أن الكنيسة في ذلك الوقت كانت تصم بالهرطقة كل من ينسب أي طابع قدسي أو إلهي للسيدة مريم، واستمر الأمر على هذا النحو حتى انعقاد المجمع الكنسي في إفسس Ephesus - غرب تركية - عام ٤٣١ م حيث تقرر رسميا إضفاء لقب - والدة الإله - على السيدة مريم، وبعدها انتشرت فكرة تقديسها لدى الكنائس حتى طغت أحيانا على - الأب - فكثرت تماثيلها وصاروا يصلّون لها، واعتقدوا أنها تستجيب لدعائهم وتهبّ لنجدتهم ومساعدتهم، وقد أعلن الإمبراطور جستينيان في مقدمة دستوره أن مريم هي حامية الإمبراطورية، وكان قواده يطلبون معونتها في ساحات القتال، وكان هرقل الذي عاصر النبي يرفع صورة السيدة مريم على رايته، وكان واثقا أنه لن يخذل ما استعان بها، ولكن البروتستنت - في حركة الإصلاح الديني - نبذوا فكرة عبادة مريم أو تقديسها، في حين أن الكاثوليك استمروا في هذا المعتقد إلى اليوم -

يقول البروفسور روبرت فنك - مؤلف كتاب «الأسفار الخمسة»، The five Gospels ومؤسس «ندوة عيسى» الشهيرة - يقول في كتابه «الأمانة تجاه عيسى Honest to Jesus،Harper،San Francisco ٦٩٩١» :

<<  <  ج: ص:  >  >>