للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي قصة سليمان مع الهدهد تذكير بأن العلم قد يأتي أحيانا من أضعف خلق الله، مما هو عبرة وفتنة لمن يعتقد في نفسه كمال العلم والإحاطة:

﴿فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ﴾ (٢٢)، وفي قصة سليمان مع ملكة سبأ أنّ إنكار المسؤولية تجاه الخالق يوقع المرء في التفاهات: ﴿وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ﴾ (٢٤)، وأن من شأن الطغاة عندما يستولون على الحكم قهرا أنهم يبسطون سلطتهم قسرا على الناس، ويفككون النسيج الاجتماعي، مما يؤدي إلى الفساد: ﴿قالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ﴾ (٣٤)، وأن الخلفية الدينية المنحرفة تجرف الكثيرين معها فتصدّهم عن الطريق القويم بسبب التقليد وإهمال العقل: ﴿وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللهِ إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ﴾ (٤٣).

وفي قصة صالح مع قومه ثمود أنّ الدعوة إلى الصلاح والإصلاح تثير الخصومات لدى الأقوياء ذوي الخيلاء المعتدّين بنفوسهم، وحتى لدى الضعفاء المدمنين على الشهوات: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اُعْبُدُوا اللهَ فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ﴾ (٤٥).

وفي قصة لوط أن الشذوذ عن القوانين الطبيعية في الخلق معصية بيّنة لله ﷿: ﴿وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ﴾ (٥٤).

وفي إشارة لقصصهم جميعا أن الكفار يشركون بالله ليس فقط الأصنام والكواكب، بل أيضا القيم الزائفة والعادات القبيحة المتوارثة التي أصبحت دينا عندهم: ﴿آللهُ خَيْرٌ أَمّا يُشْرِكُونَ﴾ (٥٩).

وأن الإنسان، خلافا لما يظنّ، ليس محور الكون وسيده، بل استخلفه الله في الأرض ومعتمد بالكلية عليه، منحه العقل والقدرة على التفكير المجرد: ﴿أَمَّنْ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>