﴿عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ﴾ ورد الكثير من البشارات في كتب اليهود والنصارى عن قدوم النبي الأحمد، ومع أن كتبهم التي بين أيدينا مشحونة بالمتناقضات والمغالطات التي أدخلها الأحبار والكهنة والكتبة، فإنها لا تزال تشتمل على شذرات من الحقيقة، ومنها النبوءات الكثيرة عن النبي الخاتم، وقد ورد تفصيل هذه النبوءات في كتاب الأستاذ عبد الأحد داود (محمد في الكتاب المقدس عند اليهود والنصارى)، وإحدى هذه النبوءات الكثيرة ما ورد في سفر (يوحنا ١٩/ ١ - ٢٥) أنّ اليهود كانوا بانتظار قدوم ثلاثة أنبياء وهم: إيليا، والمسيح، والنبي المنتظر، ثم إنّ اليهود رفضوا المسيح والنبي المنتظر معا بعد ظهورهما، ولا يزالون ينتظرون، أما المسيحية فقد أقرّت بالمسيح مجرد رمز لها، ورفضت النبي الأحمد المنتظر،
﴿يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ أي ما تعرف العقول والفطرة السليمة صوابه، كعبادة الله وحده ﴿وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ ما تنكره العقول السليمة والفطرة، كالشرك وعبادة الأوثان ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ﴾ التي يستطيبها الطبع، لأن الأصل في الطيّبات الحل، إلاّ بدليل منفصل ﴿وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ﴾ التي اخترعوا في كتبهم كل المبررات لارتكابها حتى أنهم نسبوها إلى أنبيائهم، والخبائث كل ما يستخبثه الطبع ويكون في تعاطيه المضرّة للنفس وللمجتمع، فالأصل فيه الحرمة، إلا بدليل منفصل ﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ﴾ يخفف عن اليهود ما كلّفوا به، أو كلّفوا أنفسهم به من التكاليف الشاقة عن طريق الأحبار، انظر شرح آية [آل عمران ٩٣/ ٣]، وأصل الإصر الثقل الذي يأصر صاحبه عن الحراك، والأغلال جمع غلّ وهي القيد الحديدي الذي يجمع يدي الأسير إلى عنقه، واستعمالها في الآية من قبيل الاستعارة لبيان ما كان بنو إسرائيل يرزحون تحته من تعسف الشرع الذي ابتدعه أحبارهم ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ﴾ بالنبي محمد ﷺ ﴿وَعَزَّرُوهُ﴾ منعوا العدو منه، حتى لا يقوى عليه عدوّ ﴿وَنَصَرُوهُ﴾ على أعدائه ﴿وَاِتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ﴾ هو القرآن الكريم، وعبّر عنه بالنور