للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنّ الرحمن تبارك اسمه أنزل على الإنسان علم القرآن لمن أراد أن يتعلّم، والإعجاز في نزول القرآن منجما على مدى ٢٣ عاما من البعثة النبوية دليل قاطع على استحالة ضلال النبي، وأنه تعالى ختم الرسالات السماوية بالقرآن الكريم ميسّرا لمن أراد أن يتذكر الحقائق ومعايير الأخلاق والعبر ويتذكر الميثاق الفطري المأخوذ عليه في الأصلاب، وأن الله جل شأنه لم يكن ليهلك قوما قبل إنذارهم بمعايير الصواب من الخطأ، حتى تصير معروفة عندهم، أما الظن والتخمين فلا يغنيان عن العلم اليقيني، والساعة اقتربت وتحتّم وقوعها، ومع ذلك فالناس في إعراض وتكذيب واتّباع للهوى، ولكن لا بد لكل مخلوق أن يواجه الحساب عندما تقع الواقعة.

وبعد أن أمرت الآية الأخيرة في سورة الواقعة بالتسبيح: ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾ [الواقعة ٩٦/ ٥٦]، تبدأ سورة الحديد بقوله تعالى: ﴿سَبَّحَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [الواقعة ١/ ٥٧]،

ثم توضح أنه كما الله تعالى هو الظاهر والباطن، كذا الإيمان بالله والإنفاق لا ينفكّان، لذا وجب تجنب الغرور، والتماسك وقت المصيبة، وعدم الانعزال عن الدنيا كما فعل الرهبان، وحضّ النصارى على الإيمان، لأن الوحي لم يكن مقتصرا عليهم.

ونلاحظ أن السور المدنية السبعة التالية: (الحديد - المجادلة - الحشر - الممتحنة - الصف - الجمعة - المنافقون) تتناول تطبيقات عملية حياتية لتنظيم المجتمع الإسلامي داخليا، وتوجيه هذا المجتمع أيضا لجهة التعامل مع أعداء الإسلام خارجيا.

ثم تليها سورة (التغابن) - المختلف في كونها مدنية أم مكية - التي تعود فتذكّر الإنسان أن خلق السماوات والأرض لم يكن عبثا وإنّما خلقها تعالى بالحق، كما خلق الإنسان في أحسن تقويم، وكرّمه بحرية الخيار وبعث له الرسل

<<  <  ج: ص:  >  >>