للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿كُلِّ مَثَلٍ وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً﴾ [الكهف ٥٤/ ١٨]، وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبى أَكْثَرُ النّاسِ إِلاّ كُفُوراً﴾ [الفرقان ٥٠/ ٢٥].

وهنالك أيضاآيات الأحكام التي لا يسردها القرآن في موقع واحد أوسورة واحدة، بل نرى هذه الآيات متداخلة مع النص القرآني في مواضع مختلفة، فالنصوص القرآنية ليست مجرد أحكام، والقرآن كتاب دعوة للإسلام، وهو أيضا كتاب دين ودنيا، مما يفسر هذا التداخل، فحياة الإنسان وحدة متكاملة لا يمكن فصل النواحي الروحية فيها عن النواحي الحياتية المعيشية.

وتبدو مبالغة بعض المفسرين في الاعتماد على (أسباب النزول) سببا مهما، من جملة أسباب أخرى، في تفكيك النص القرآني أو توهم تفككه، والانصراف عن نظمه المحكم ومن ثم عن معانيه، فغالبا ما تعطي أسباب النزول الانطباع بتفكك النص مع أن واقع السور يشهد بعكس ذلك.

معظم أسباب النزول جمعت في مؤلّفين، الأول كتبه أبو الحسن الواحدي النيسابوري (المتوفى ٤٦٧ هـ ١٠٧٥ / م)، والثاني كتبه جلال الدين السيوطي (المتوفى ٩١١ هـ ١٥٠٥ / م) - وهي مدوّنة كملاحظات بأسفل صفحات تفسير الجلالين -، علما أن بعض هذه الأسباب - القصص - مذكور في كتب السير والمغازي، كما هي مذكورة أيضا في كتب التفاسير المأثورة، ويعطي الواحدي النيسابوري أسبابا للنزول لبعض الآيات الواردة في ٨٣ سورة من مجموع سور القرآن الكريم، في حين أن السيوطي يعطي أسبابا للنزول لبعض الآيات في كافة سور القرآن الكريم، عدا الفاتحة، فالأسباب في مجموعها لا تغطي سوى قسم قليل من القرآن، وقد أحصيت الآيات التي لها أسباب نزول عند الواحدي النيسابوري فوجد عددها/ ٥٩٩ /آية من مجموع آي القرآن الكريم البالغ عددها/ ٦٢٣٦ /آية أي بنسبة مئوية من المجموع أقل من عشرة بالمئة، ومع ذلك يراها بعضهم ضرورة لا بد منها لتفسير القرآن!.

<<  <  ج: ص:  >  >>