بسبب خوف من عدوّ أو مرض أو علّة تمنع الوصول إلى البيت ﴿فَمَا اِسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ فانحروا ما استيسر من الهدي، ومعنى الهدي ما يهدى إلى بيت الله ﷿ تقرّبا إليه ويطعم للمساكين، فإذا نحر الهدي حلّ المحصر من الإحرام، فإن فاته الحجّ وكان قاصدا حجّة الفريضة فعليه قضاؤها، وإن كانت حجّة تطوّع أو عمرة فلا قضاء عليه، وقيل ليس عليه حجّ أو عمرة إلاّ أن يشاء ﴿وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ المحلّ هنا اسم للزمان الذي يحصل فيه النحر، والمعنى لا بدّ من النحر قبل التحلّل بحلق الرأس، والمحصر مأمور بنحر الهدي سواء كان في حرم مكة أو خارجه ﴿فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ﴾ فاضطر أن يحلق رأسه قبل الهدي ﴿فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾ إذا كان الحاجّ مريضا أو لحقه أذى في رأسه فيتداوى، وله أن يحلق قبل أن يحلّ من إحرامه، ثمّ يفدي بصيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة، وهذا الحكم عام في جميع محظورات الحجّ ﴿فَإِذا أَمِنْتُمْ﴾ من العدو، أو من سبب الإحصار ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اِسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ كان الحاج المحصر يعتمر بعد زوال الخوف أو المرض ثم يحلّ من إحرامه منتظرا حج العام القادم، ولكن الآية تنطبق على الحاجّ سواء كان محصرا بسبب مرض أو خوف أو غير محصر، أي إذا أدّى العمرة وقت وصوله البيت ثمّ استمتع بإحلاله منها إلى أن يحرم ثانية للحجّ فعليه الهدي، وسمّي تمتّعا لأنّ الحاجّ بعد تحلله من العمرة يستمتع بمحظورات الإحرام قبل أن يحرم ثانية للحجّ ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ﴾ من لم يستطع الهدي فيصوم عشرة أيام تعتبر كاملة في البدل عن الهدي وتقوم مقامه ﴿ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ﴾ ذلك: أي التمتّع بالعمرة إلى الحج مختص بحجّاج الآفاق فقط، وليس لأهل مكة، وفيه تيسير للقادمين من الأمصار إذ يجمعون الحجّة والعمرة في سفر واحد، وأمّا أهل مكة فلا متعة ولا قران لهم