للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم بينت سورة الروم أنّ أغلب الناس مغترّون بظاهر الحياة الدنيا غافلون عن حقيقتها ومغزاها، وعن حقيقة الحياة الآخرة: ﴿يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ﴾ (٧/ ٣٠)، وبنتيجة الغفلة ينتشر الفساد في البر والبحر بنتيجة منع الخير والتهالك على المادة عند الذين يعدّون النجاح الاقتصادي المادي معيارا وحيدا للنجاح: ﴿ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (٤١/ ٣٠)، فلا يفيق الغافلون من غفلتهم إلا عند وقوع الساعة، فيكذبون على أنفسهم بأن لبثهم في الدنيا كان قليلا لدرجة لم تتح لهم فرصة الإصلاح والتوبة:

﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ﴾ (٥٥/ ٣٠).

ثم في سورة لقمان أن المستكبرين من الناس من يتلاعب بأفكار فلسفية زائفة يحاول إقناع الآخرين بها بهدف الصدّ عن القرآن: ﴿وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ﴾ (٦/ ٣١)، وأن القرآن الكريم هدى ورحمة للذين يحسنون استخدام الفكر والعقل: ﴿هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ﴾ (٣/ ٣١)، لكن الاستكبار والاعتداد بالنفس يقف حائلا بين المرء وبين رؤيته الحقيقة: ﴿وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ﴾ (٧/ ٣١)، وكذا تمسكه بالتقليد الأعمى: ﴿وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اِتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ﴾ (٢١/ ٣١).

ثم بيّنت سورة السجدة أن الله تعالى لا يترك عباده بلا هداية، ولا يقسرهم على الهدى، بل يكرّمهم بحرية الخيار، وقد يذيق الكفار من عذاب الدنيا قبل الآخرة لعلهم يتوبون: ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>