للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منافقي المدينة وزعيمهم عبد الله بن أبيّ الذي وعد أن يدعمهم بألفي رجل يقاتلون إلى جانبهم إن أرادوا البقاء في حصونهم بضواحي المدينة، كما وعد أن يخرج من المدينة معهم في حال هزيمتهم، وفي ذلك نقرأ قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ﴾ [١١/ ٥٩]، فقبل اليهود عرض ابن أبيّ وحملوا السلاح ضد المسلمين، فكان أن حاصرهم النبي في حصونهم واحدا وعشرين يوما دون قتال، وعندما أيقنوا بعدم وفاء زعيم المنافقين عبد الله بن أبيّ بوعده لهم بالدعم العسكري، وهو مصداق قوله تعالى - والآية نبوءة بالغيب -: ﴿لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ﴾ [١٢/ ٥٩]، استسلموا للنبي في ربيع الأول بالعام ٤ هجرية فأمرهم بالخروج من المدينة، وسمح لهم أن يحملوا معهم كافة ممتلكاتهم، فخرجوا بها إلى بلاد الشام في قافلة من ستمئة بعير، واستقر القليل منهم في خيبر، والباقون في أريحا بفلسطين، وأصبحت أراضيهم وزراعتهم ملكا للمسلمين، تم توزيع معظمها على فقرائهم كما تبين الآيات (٧ - ٨) من السورة.

وكما هو دأب القرآن الكريم تفيد الإشارات التاريخية فيه دروسا وعبرا، وفي هذه الحالة يستفاد من السورة حتمية انتصار المسلمين على عدوهم حتى لو كانوا قليلي العدد والعدّة بشرط التزامهم بروح الإسلام وشريعته، وقد نزلت السورة بالعام الرابع الهجري واشتق اسمها من كلمة الحشر المذكورة بالآية ٢ واختلفوا في مغزاها، وقد رأى بسام جرار في كتابه (زوال إسرائيل) أنّ ذلك كان أول حشر اليهود إلى أريحا في فلسطين بعد البعثة النبوية، أما آخر الحشر فهو المشار إليه بقوله تعالى: ﴿فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً﴾ [الإسراء ١٠٤/ ١٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>