وأنّ غاية ما يمكن أن يتوصّل إليه المؤمن، بعد أن يقوم بجميع أركان الإسلام، هو الإنفاق ممّا يحب، فلا يكون بارّا صادق الإيمان حتّى يتوصّل إلى هذه الخصلة: ﴿لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتّى تُنْفِقُوا مِمّا تُحِبُّونَ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ (٩٢)، وتفرض السورة على العلماء من المسلمين واجب الدعوة بالقدوة الحسنة: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (١٠٤).
وتبين العبر من وقعة أحد، (الآيات ١٢١ - ١٧٥)، وتنهى عن أكل الربا:
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاِتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (١٣٠)، وتحض على الإنفاق: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرّاءِ وَالضَّرّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (١٣٤)، كل ذلك ما يوجب التضحية فالله تعالى يختبر الناس بظهور أفعالهم إلى العلن، وليس بعلمه بالغيب منهم: ﴿وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ﴾ (١٤١).
وأن الكفار جاهدون في رد المسلمين عن دينهم: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ﴾ (١٤٩)، وتبيّن وجوب الرفق واللين في الدعوة إلى الإسلام أسوة بالنبي ﷺ وتقرر مبدأ الشورى: ﴿فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاِسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ (١٥٩)، وأن الله تعالى لم يكن ليترك من لديه استعداد للإيمان ضائعا بين الكفار، ولكن يبعث الرسل كي يتّبعهم من يختار الإيمان من الناس: ﴿ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ﴾