بالآية (١٢٥)، وذلك بعدما تعبّأ الرسول ﷺ للقتال في سبع مئة رجل، منهم خمسون فارسا، فجعل ظهورهم لأحد وقال لهم:«لا يقاتلنّ أحد حتى نأمر بالقتال»، إحكاما للخطة، وما كانت العرب تراعي ذلك دوما، لا سيّما إذا حدث ما يثير حميّتها، وأعطى اللواء مصعب بن عمير، وأمّر على الخيل الزبير بن العوّام والمقداد بن الأسود الكندي، وجعل الرماة خمسين رجلا خلف العسكر على مرتفع في مواجهة خيل المشركين وأمّر عليهم عبد الله بن جبير، ومن جملة ما قاله لابن جبير:«انضح عنا الخيل بالنبل لا يأتونا من خلفنا واثبت مكانك لا نؤتينّ من قبلك»، وتعبّأت قريش للقتال بقيادة أبي سفيان في ثلاثة آلاف رجل، منهم مئتا فارس، فجعلوا على ميمنة الخيل خالد بن الوليد، وعلى ميسرتها عكرمة بن أبي جهل، ثم خرج طلحة بن عثمان حامل لواء المشركين يطلب المبارزة فقتله علي بن أبي طالب ﵁، فأقبل أبو سفيان يحمل اللات والعزّى، فأرسل النبي ﷺ إلى الزبير أن يقاتل فحمل على خالد بن الوليد حتى هزمه ومن معه، واقتتل الجانبان، فأنزل تعالى نصره على المؤمنين وصدقهم وعده ما صبروا واتقوا، فحسّوا المشركين بالسيوف حتى كانت الهزيمة للمشركين لا شكّ فيها، إلى أن خالف أكثر الرماة أمر النبي ﷺ واشتغلوا بطلب الغنائم ولم تثبت سوى قلّة منهم ﴿حَتّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ فشلتم بمعنى تخاذلتم، وتنازعتم في الأمر أي اختلفتم في أمر نبيّكم، إذ قال بعض الرماة: ما فائدة بقائنا هنا والمشركون قد انهزموا؟ وقال آخرون: لا نخالف أمر الرسول ﴿وَعَصَيْتُمْ﴾ عصى أكثر الرماة أمر النبي ﷺ، وقد أمرهم الثبات في مراكزكم لحماية مؤخرة المسلمين ﴿مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ﴾ وهو النصر ﴿مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا﴾ وهم الذين طمعوا في الغنائم ﴿وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ﴾ وهم الرماة الذين ثبتوا في مراكزهم مع عبد الله بن جبير وكانوا أقل من عشرة، وآخرون ثبتوا مع النبي ﷺ ﴿ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ﴾ أسند تعالى صرف المؤمنين عن