﴿الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ (١٢)، وإن أهل الكتاب يعرفون النبي محمد ﷺ الموصوف في كتبهم - كما يعرفون أبناءهم، ولكنهم خسروا أنفسهم بسبب خوفهم فوات الزعامة والمكاسب الدنيوية: ﴿الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ (٢٠)،
وتضرب مثالا ببعثة إبراهيم، ﵇، وطريقة حواره مع قومه وتسلسل النبوات من بعده، وأنه تعالى يوكل بالرسالة من الأمم، على مرّ العصور، من هي جديرة بحملها: ﴿أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ﴾ (٨٩).
وأن المطلوب من الإنسان الإيمان باستخدام العقل والدلائل: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ (١٠٩).
وأنّ من سنن الاجتماع البشري أن يصبح بعض المجرمين أكابر في بعض المجتمعات، بحيث يكون إجرامهم سبب كونهم أكابر، أي يبلغون مراتب الزعامة بالمكر والخداع والغدر: ﴿وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها وَما يَمْكُرُونَ إِلاّ بِأَنْفُسِهِمْ وَما يَشْعُرُونَ﴾ (١٢٣)، وأنه تعالى لا يهلك المجتمعات الظالمة ولا يعاقبها على ظلمها قبل أن يبعث الرسل ويبين الحق من الباطل: ﴿ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها غافِلُونَ﴾ (١٣١).
وإن القول بالجبرية باطل، وعلم الله القديم هو من صفات الألوهية، ولا يناقض الحرية التي منحها تعالى للبشر: ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتّى ذاقُوا بَأْسَنا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاّ تَخْرُصُونَ﴾ (١٤٨)، وأن مجرّد الإيمان بلا عمل صالح لا ينفع صاحبه: ﴿هَلْ﴾