يقل عن خمسة آلاف من الآلهة، كما كان لكل مدينة من المدن ما يسمّونه كبير الآلهة، وكان كبير الآلهة في مدينة أور يدعى نانّر Nannar أي إله القمر، وهو السبب الذي من أجله سمّيت مدينة أور أيضا، قمرينا Kamarina نسبة لإله القمر، وأما مدينة لارسا كبرى المدن المنافسة لزعامة أور فكانت تدين لكبير الآلهة المسمّى، شمش Shamash أي إله الشمس، وكبيري الآلهة هذين هما اللذين تشير لهما الآيات التالية (٧٧ - ٧٨) في حوار إبراهيم مع قومه، ويلاحظ تشابه ألفاظ القمر والشمس مع نفس المسميات في اللغة العربية كونها جميعا منبثقة من الأصل السامي، وتحت إلهي القمر والشمس كان لديهم مئات الآلهة الأخرى التي ترمز للكواكب والنجوم، وكانوا ينحتون لها أشكالا وأصناما، ولا شك أن الآيتين (٧٧ - ٧٨) من معجزات القرآن الكريم الباهرة، إذ لم يكن بوسع النبي ﷺ أن يعلم في حينه عن آلهة سومر وعبادة السومريين للقمر والشمس بالذات، الأمر الذي لم يتم اكتشافه إلا من تنقيبات الآثار في أوائل هذا القرن، ويبدو أيضا أن كبير الآلهة في أور المسمّى نانّر، إله القمر، هو المشار إليه بقوله تعالى: ﴿قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ﴾ [الأنبياء: ٢١/ ٦٣].
وقد تعرضت الدولة السومرية - ومدينة أور بالذات - للعديد من الكوارث بعد بعثة إبراهيم ﵇ بحوالي قرن من الزمن، إذ استولى عليها الإلميون Elamites وأخذوا ملكها أسيرا ودمّروا المدينة تدميرا تامّا، ثم أعيد بناؤها مرة ثانية إلى أن استولى البابليون عليها بقيادة حمورابي وأنهوا حكم السومريين لبلاد ما بين النهرين إلى غير رجعة، وهذا من مصداق قوله تعالى: ﴿وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً﴾ [الإسراء: ١٧/ ١٦]، غير أن التراث السومري بقي واضحا لدى البابليين، إذ تصوّر إحدى الرسوم، التي تم اكتشافها في موقع أور، الملك حمورابي وهو يتلقّى قانونه