للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوجب ألاّ يكون مقبولا، أي إنه ضعّفه من جهة المتن، ولأن ما ورد فيه من لفظ التحريم قد يكون مرويّا بالمعنى لا بلفظ الرسول ، وقد يكون اللفظ هو الكراهة، وقد قالوا: إن من علامة وضع الحديث مخالفته للقرآن ولكل ما هو قطعي، وخاصة عندما يتعذر الجمع بين الحديث الظني وبين القرآن، وفي هذه الحالة يمكن الجمع بينهما بحمل النهي في الحديث على الكراهة وليس التحريم (المنار)،

﴿وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما﴾ لم يحرّم على اليهود من البقر والغنم سوى الشحوم الخالصة التي تنزع منها بسهولة ﴿إِلاّ ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اِخْتَلَطَ بِعَظْمٍ﴾ الشحوم التي تشوب الظهر والأمعاء والعظم استثنيت من التحريم ﴿ذلِكَ﴾ الجزاء أو التحريم ﴿جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ﴾ أي هذا الجزاء بنتيجة بغيهم وظلمهم، ونظيره قوله تعالى: ﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً﴾ [النساء: ٤/ ١٦٠]، ﴿وَإِنّا لَصادِقُونَ﴾ أي صدق الله وحده فيما كتبه على البشر من المحرّمات، وكذب اليهود في افترائهم التحليل والتحريم من عند أنفسهم.

ويبدو أن التحريم المذكور في كتب اليهود فرضه الأحبار من عند أنفسهم، انظر سفر (اللاويين ٧/ ٢٣)، لأنهم كانوا ذوي نفوذ كبير على العوام حتى اتّخذوا لأنفسهم حق التشريع والتحليل والتحريم، ودليل ذلك قوله جلّ ثناؤه ﴿كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلاّ ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ﴾ [آل عمران:

٣/ ٩٣]، ثمّ جاء المسيح ليحلّ لليهود بعض ما حرّموه على أنفسهم:

﴿وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ﴾ [آل عمران: ٣/ ٥٠]، لأن اليهود كانوا يتّبعون أحبارهم فيما يدخلون على الشريعة من أحكام وتشريعات حتى صارت عندهم بمنزلة الوحي، قال تعالى: ﴿اِتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ﴾ [التوبة: ٩/ ٣١]، فكانوا يأخذون بأقوال الأحبار والرهبان فيما يتعلق

<<  <  ج: ص:  >  >>