رابعا: أن يكون قد قرأ تفسيرا ظاهرا واعتقد أن لا معنى لكلمات القرآن إلاّ ما تناوله النقل عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما، وأنّ ما وراء ذلك تفسير بالرأي، وأنّ من فسّر القرآن برأيه فقد تبوّأ مقعده من النار، فهذا أيضا من الحجب العظيمة.
ومن كل ذلك تنطلق محاولة هذا الكتاب لبيان النظم القرآني وبالتالي المعاني القرآنية، وقد بدأ الكاتب بالربع الأخير من القرآن الكريم، ويتضح الغرض من الكتاب في ثلاث مواضيع:
١ - بيان ارتباط السور القرآنية بعضها مع بعض.
٢ - بيان موضوع كل سورة أو ما اصطلح على تسميته محور السورة الذي تدور حوله.
٣ - بيان النظم في الآيات لكل سورة على حدة.
وفي العصر الحديث، وفي الباكستان تحديدا، قام أحد علمائها وهو مولانا أمين احسان إصلاحي (١٩٠٤ - ١٩٩٧) بمجهود كبير بهذا الصدد في مؤلفه الضخم المكون من ستة آلاف صفحة والذي سمّاه (تدبّر القرآن)، غير أنّه كتبه بلغة الأوردو، ولم يترجم حتى الآن إلى أية لغة أخرى فلم يصل إلينا.
وقد لفت نظري الأخ الكريم المهندس نزار الكردي، الذي تضاهي معارفه الفقهية علومه الهندسية، أنّ كون ترتيب السور والآيات القرآنية توقيفي من الله تعالى، أي الترتيب إلزامي غير معلّل، مما يعفي المرء من البحث عن علّة مصطنعة عندما تنتقل السورة من موضوع لآخر قد لا يبدو هنالك رابط بينهما، وهو ما اصطنعه الشيخ برهان الدين البقاعي في كتابه "نظم الدرر" في كثير من الحالات، وكما هي الحال مثلا عندما يتم الخلط بين واو العطف وواو الاستئناف بين بعض الآيات كما في قوله تعالى: ﴿وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً﴾ [الكهف ٩٩/ ١٨]، فالواو في قوله: