للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدر، وهددوه وأظهروا له العداوة والبغي والحسد، وبعثوا إلى حليفهم من الخزرج عبد الله بن أبيّ كبير المنافقين يطلبون منه النصرة والخروج على النبي ، فبادرهم النبي بالحصار وأجلاهم عن حصونهم إلى بلاد الشام،

ثم نقض العهد من بعدهم بنو النضير، بعد وقعة أحد، وحاولوا قتل النبي ، فأمرهم بالجلاء عن المدينة وأن لا يساكنوه فيها، فلمّا أبوا وأعلنوا العصيان وطمعوا بنجدة كبير المنافقين عبد الله بن أبيّ حاصرهم المسلمون وأجلوهم عن حصونهم وارتحل قسم منهم إلى خيبر وسكن الباقون في أريحا بفلسطين، انظر سورة [الحشر ٢/ ٥٩ - ١٧]،

وأما بنو قريظة، فكانوا أشد اليهود عداوة للنبي وقد نقضوا العهد وغدروا بالمسلمين إذ حالفوا قريش والأحزاب، أثناء وقعة الخندق، انظر سورة [الأحزاب ٩/ ٣٣ - ٢٧]، وفي رواية ابن إسحاق أن النبي حاصرهم بعد ذهاب الأحزاب حتى استسلموا وقبلوا أن يحكم فيهم حليفهم السابق سيد الأوس سعد بن معاذ، فحكم أن تقتل الرجال منهم وتسبى الذرية وتقسم الأموال، فقتل منهم ٦٠٠ - ٧٠٠ رجل، غير أن رواية ابن إسحاق هذه لا يمكن الوثوق بإسنادها، رغم أن الواقدي وابن سعد نقلاها عنه فيما بعد، إذ لاحظ العالم بركات أحمد في كتابه "محمد واليهود" أن أبا بكر بن شهاب الزهري، الذي سبق ابن إسحاق في كتابة السيرة، لم يذكر هذه الحادثة، كما لاحظ أيضا أن اليهود أنفسهم لم يذكروها في تاريخهم، ومن غير الطبيعي وغير المعتاد عند اليهود، ألاّ يكتبوا عن أحزانهم، ناهيك عن تضخيمها في حال حدوثها، ومن الجدير بالذكر أن مجموع قتلى المسلمين وغير المسلمين في جميع حروب النبي لم يكد يبلغ الخمس مئة.

وأما يهود خيبر فكان من أمرهم السعي لتأليف الأحزاب، وكانوا سبب وقعة الخندق، فغزاهم النبي بعد صلح الحديبية، وظفر بهم بعد حصار شديد لحصونهم، وبذلك زالت قوة اليهود من بلاد الحجاز كلها،

<<  <  ج: ص:  >  >>