وفي سورة يونس تحدّي الكفار الذين زعموا أن القرآن مفترى، أن يأتوا بسورة مثله إن استطاعوا: ﴿أَمْ يَقُولُونَ اِفْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَاُدْعُوا مَنِ اِسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ (٣٨/ ١٠)، وتتحدّاهم سورة هود أن يأتوا بعشر سور مفتريات: ﴿أَمْ يَقُولُونَ اِفْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَاُدْعُوا مَنِ اِسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ (١٣/ ١١)،
وقد شبهت سورة يونس المكذّبين بالصمّ لا يستخدمون عقولهم، وكالعمي لا يبصرون: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ * وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ﴾ (٤٢/ ١٠ - ٤٣) وفي سورة هود أنهم لإصرارهم على التكذيب عاجزون عن السمع والإبصار: ﴿ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ﴾ (٢٠/ ١١)،
وقد بينت سورة التوبة أن الدعوة إلى الإسلام، ومن ثمّ الإيمان، يجب أن يكونا على أساس من الحجة والدليل والإقناع، الآية (٦/ ٩)، ثمّ بينت سورة يونس أن المشيئة الإلهية اقتضت أن يترك الناس في دنياهم أحرارا بين مؤمن وكافر: ﴿وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النّاسَ حَتّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ (٩٩/ ١٠)، ثم تحدد سورة هود أنه تعالى خلق الناس كي يمارسوا حرية الفكر والخيار، سوى أن المصرّين على الكفر يؤول مصيرهم إلى جهنم: ﴿وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ (١١٨/ ١١ - ١١٩)،
وهكذا فإنّ سورة هود تبدو متممة لسورة يونس في المواضيع، ومفصّلة لما أجمل في سابقتها من قصص بعض الرسل ﵈، كقصص نوح وموسى، مع إضافة قصص هود وصالح وإبراهيم ولوط وشعيب، وإبراز العبر في