معانيه، والضمير الظاهر في ﴿يَتْلُوهُ﴾ يعود إلى القرآن الكريم فالإشارة إليه في الآية (١٣) إذ هو نفس الضمير في قوله ﴿اِفْتَراهُ﴾،
﴿شاهِدٌ مِنْهُ﴾ أي القرآن الكريم - بإعجازه - شاهد منه تعالى بأنه تنزيل إلهي، وهو أيضا يشهد بصحة البينة ويؤيد الدليل العقلي، ويصدّق الصحيح المتبقي من التوراة والإنجيل، وقد يكون المعنى أيضا أنّ الإعجاز القرآني شاهد من القرآن يشهد أنه من عند الله.
وقد يعود الضمير الظاهر في ﴿يَتْلُوهُ﴾ أيضا إمّا لمن ﴿كانَ عَلى بَيِّنَةٍ﴾ أو للبينة نفسها بالنظر إلى المعنى، فيكون المقصود: ويتلوه أي يليه الوحي الإلهي المنزّل على الأنبياء الذي ختم بالقرآن.
﴿وَمِنْ قَبْلِهِ﴾ من قبل القرآن ﴿كِتابُ مُوسى﴾ التوراة التي تلت البيّنة في حينها - والمقصود التوراة الأصلية وليست المحرفة التي عند اليهود - ﴿إِماماً﴾ وهو القرآن، أي يؤتّم ويقتدى به في العقائد والعبادات والمعاملات ﴿وَرَحْمَةً﴾ لمن يهتدي به ﴿أُولئِكَ﴾ أي الموصوفون أنهم على بينة من ربهم ﴿يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ أي بالقرآن ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ﴾ من أصناف الكفار في كل وقت ممّن تحزّب ضد الإسلام ﴿فَالنّارُ مَوْعِدُهُ﴾ في عذاب الآخرة ﴿فَلا تَكُ﴾ أيها الإنسان ﴿فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ﴾ في شكّ من الوعد، أو من القرآن ﴿إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ﴾ كاملا ﴿وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يُؤْمِنُونَ﴾ إيمانا كاملا، بالنظر لتحريفهم في كتب أنبيائهم، ولاستكبار زعمائهم وكهنتهم وحرصهم على الزعامة، ولحرص العامة على تقليد زعمائهم وأسلافهم.
وقد رأى الألوسي أنّ في الآية إشارة إلى الدليلين العقلي، والنقلي، ومعنى كون الثاني تاليا للأول - من حيث أنه يتبعه - أنه موافق له لا يخالفه، ومن هنا قالوا إن النقل الصحيح لا يخالف العقل الصريح، فالآيات النقلية القرآنية توافق الأدلة العقلية وتؤيدها، ولذا أوّلوا الدليل النقلي إذا خالف ظاهره الدليل العقلي.