للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تُقْسِطُوا فِي﴾ نكاح ﴿الْيَتامى﴾ لأن الخطاب ينصرف إلى اليتيمات، والإقساط: العدل كما في قوله تعالى: ﴿وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الحجرات: ٤٩/ ٩]، فيقال أقسط الرجل إذا عدل، أمّا قسط فمعناها جار إذ يقال: قسط الرجل إذا ظلم صاحبه في قسطه أو نصيبه الذي يستحقه، قال تعالى: ﴿وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً﴾ [الجن: ٧٢/ ١٥].

﴿فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً﴾ الكلام لا يزال في اليتامى، فقد كان من عادة البعض في الجاهلية أن يتزوج من النساء اليتيمات اللواتي بكفالته إمّا طمعا بمالهنّ، وإما لكي يقرر لهنّ من الصداق ما هو أقل ممّا يجب لأمثالهنّ، أو يتجاوز على حقوقهنّ في المعاملة لأن اليتيمة لا تجد من يحميها، فنهاهم تعالى عن ذلك وأمرهم في هذه الحالة أن يتزوجوا من النساء الغرائب، أي من غير اليتيمات اللواتي بكفالتهم، إن خافوا عدم العدل في حقوقهنّ، وفي هذه الحالة ينصرف تعبير اليتامى في الآية إلى «أناثهنّ» أي اليتيمات، وينصرف تعبير «النساء» إلى النساء الغرائب من غير اليتيمات، فكأنه تعالى قال دع هؤلاء اليتيمات وتزوج ما أحلّ لك من غيرهنّ من الحرائر أو من ملك اليمين، فيكون تقدير الخطاب كما يلي: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تُقْسِطُوا﴾ - في نكاح يتامى النساء اللواتي بكفالتكم - ﴿فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ﴾ - من غيرهن - بدليل قوله تعالى في الآية (١٢٧): ﴿وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللاّتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ﴾.

وقالوا أيضا في معاني الآية: إن خفتم ألاّ تعدلوا في أموال اليتامى التي ورد النص فيها بالآية السابقة وكنتم متحرّجين في هذه الأموال حريصين على العدل فيها والمحافظة عليها، فكذلك يجب أن تتحرّجوا في النساء وأن تخافوا الظلم في حقوقهنّ التي أوجبها الله عليكم، ولكم أن تتزوّجوا منهنّ ثنتين أو ثلاثا أو أربعا

<<  <  ج: ص:  >  >>