تعالى من رحمته، وقوله تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ * وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً﴾ [الأعراف: ٧/ ١٦٧ - ١٦٨]، وقد حلّ فيهم التقتيل والتعذيب والتقطيع، من خلافهم أي مخالفتهم الرسل، كما حلّ فيهم النفي من الأرض أي من فلسطين، وتشتّتوا في أنحاء العالم، ولا عبرة بإنشاء دولتهم ولمّ شمل عدد كبير منهم في فلسطين في العصر الحاضر إذ لا شكّ أنه سيتكرر مصيرهم الذي تشير إليه هذه الآية عند ما يغيّر المسلمون ما بأنفسهم.
ومن جهة ثانية: فإنّ لفظ كلمات الآية ﴿يُقَتَّلُوا﴾ بتشديد التاء وليس (يقتلوا)، و ﴿يُصَلَّبُوا﴾ بتشديد اللام وليس (يصلبوا) يدل على التكثير والتدريج، فالتقتيل والتصليب غير القتل والصلب، وهو لذلك ينصرف إلى أعداد كبيرة منهم وليس إلى أفراد محدودي العدد، ويعزّز ذلك أنّ الخطاب في الآية هو بالجمع: ﴿الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ وليس بالمفرد، بالمقارنة مع قوله تعالى في آية حدّ السرقة:
ومن جهة ثالثة: فإن سياق الكلام واتصال الآية بما سبقها يقتضي أن يكون الكلام عن عقاب بني إسرائيل بالذات، فالكلام عنهم وعن محاربتهم الله ورسله ورسوله محمد ﷺ بالذات، والسياق ليس في معرض تشريع العقاب ضد أفراد من الناس.
ومن جهة رابعة: فإن الآية تتحدث عن: (١) الذين يحاربون الله ورسوله:
وهي المرة الوحيدة في القرآن الكريم التي يرد فيها هذا التعبير، وهو شبيه بقوله تعالى عن اليهود ﴿كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ﴾ (٦٤)، بسبب كفرهم المتكرر برسالات الله وبرسله وقتلهم الأنبياء وهم قد كفروا بنبوة عيسى المسيح ثم بنبوة محمد عليهما الصلاة والسلام وتآمروا على قتلهما، وترصّدوا ويترصّدون بالمسلمين شرّا ويكيدون لهم، و (٢) ويسعون في الأرض فسادا: