وذلك يفسر أيضا استيطان بني يعقوب في مصر زمن يوسف وبعده ونفوذهم الديني والسياسي في مصر طيلة حكم الهكسوس، وقد كانت بعثة يوسف إلى المصريين مقدمة لبعثة موسى ﵇ لقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمّا جاءَكُمْ بِهِ حَتّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ﴾ [غافر ٣٤/ ٤٠]، مما يدل أن قبول بعثة يوسف كان مقتصرا على الهكسوس دون عامة المصريين، والثابت أن الهكسوس حكموا شمال مصر فقط واتخذوا مدينة أفاريس Avaris في الشمال الشرقي عاصمة لهم، في حين انتقل حكم المصريين من عاصمتهم ممفيس Memphis في الشمال إلى عاصمتهم الجديدة طيبة Thebes في الجنوب - الأقصر حاليا - مستقلين عن الهكسوس.
ثم حصل الارتكاس إلى الوثنية بعد خروج الهكسوس من مصر وتعرض بنو يعقوب - إسرائيل - لاضطهاد الفراعنة إلى أن كانت بعثة موسى ﵇، مما ذكر القرآن الكريم بعض تفصيله، انظر مثلا آية [البقرة ٤٩/ ٢] و [غافر ٢٥/ ٤٠].
ونلاحظ الدقة الفائقة والإعجاز في السورة من حيث إشارتها إلى لقب "الملك" في آيات عديدة (٧٦، ٥٤، ٥٠، ٤٣) وهو ملك الهكسوس، وليس فرعون مصر على النقيض من زعم العهد القديم بأنه فرعون (سفر التكوين ١/ ٣٩)، ذلك أنّ لقب فرعون خاص بحكام مصر، وقد بقي الهكسوس في مصر لحين ظهور ما يسميه المؤرخون:"الامبراطورية الجديدة " New Empire (١٠٧٥ - ١٥٣٩ ق م) التي امتدت أراضيها خارج مصر فشملت سورية والعراق، وقد بدأت بحكم السلالة الثامنة عشرة th dynasty ^١٨ وهي السلالة الفرعونية التي أخرجت الهكسوس من مصر، وكان أخناتون - أمنحوتب الرابع - وهو أحد فراعنة الامبراطورية الجديدة من السلالة الثامنة عشرة هو الذي ابتدع عبادة الشمس في عاصمته الجديدة، العمارنة، وسط مصر بعد أن نقل العاصمة إليها من طيبة في الجنوب، ثم قامت بعد ذلك السلالة التاسعة عشرة ١٩^ th