المؤمنين؟ نغصت عليه لذته وأفسدت عليه باديته. فقال لهم: إليكم عني، فإني عاهدت الله عز وجل عهداً ألا أخلو بملك إلا ذكرته الله عز وجل.
قال الهيثم بن عدي: خرج هشام بن عبد الملك ومعه مسلمة أخوه إلى مصانع قد هيئت له وزينت بألوان النبت، وتوافى إليه بها وفود أهل مكة والمدينة، وأهل الكوفة والبصرة، فدخلوا عليه وقد بسط له في مجالس مشرفة مطلعة على ما شق له من الأنهار المحفة بالزيتون وسائر الأشجار، فقال: يا أهل مكة، أفيكم مثل هذه المصانع؟ قالوا: لا، غير أن فينا بيت الله المستقبل، ثم التفت إلى أهل المدينة، فقال: أفيكم مثل هذه المصانع؟ قالوا: لا، غير أن فينا قبر نبينا المرسل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم التفت إلى أهل الكوفة فقال: أفيكم مثل هذه المصانع؟ قال: فقالوا: لا، غير أن فينا تلاوة كتاب الله تعالى المنزل، ثم التفت إلى أهل البصرة، فقال: أفيكم مثل هذه المصانع؟ قال: فقام إليه خالد بن صفوان فقال: أصلح الله أمير المؤمنين، إن هؤلاء قد أقروا على أنفسهم، ولو كان من له لسان وبيان لأجاب عنهم.
فقال له هشام: أفعندك في بلدك غير ما قالوا؟ قال: نعم، أصف بلادي وقد رأيت بلادك فتقيسها، فقال: هات.
فقال: يغدو قانصانا، فيجيء هذا بالشبوط والشيم، ويجيء هذا بالظبي والظليم، ونحن أكثر الناس ساجاً وعاجاً وخزاً وديباجاً وخريدة مغناجا وبرذونا هملاجاً،