قال: لا خلاف بين الأئمة أن كل بلد صولح أهله على الخراج المعلوم أنه لا يجوز تغيير ما استقر عليه. وقد صح أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمضى لأهل مدينة دمشق الصلح، لكنه لما أشكل عليه الحال في الفتح وهل سبق من دخلها عنوة أو من دخلها بالصلح أمضاها كلها صلحاً لأهلها، وقبل منهم شروطاً بذلوها، فأما ما ظهر عليه المسلمون عنوة من أعمالها ونواحيها، وحووه بالقهر والغلبة من أرضيها فقد اختلف فيه: فذهب عمر وعلي ومعاذ بن جبل إلى أنها وقف على المسلمين، لا تقسم بين من غلب عليها من الغانمين، وتجري غلتهم عليهم وعلى من بعدهم. وذهب الزبير بن العوام وبلال بن رباح إلى أنها ملك للغانمين، فتقسم بينهم على ما يراه الإمام. وذهب أبو حنيفية وسفيان الثوري إلى أن الإمام في ذلك بالخيار، إن شاء وقفها، وإن شاء قسمها ووزعها على ما يراه بين من غنمها. وذهب مالك إلى أنها تصير وقفاً بنفس الاغتنام. ولا يكون فيها اختيار للإمام. وذهب الشافعي إلى أنه ليس للإمام أن يقفها بل يلزمه أن يقسمها إلا أن يتفق على وقفها المسلمون، فيرضى ببذلك من غنمها.
فأما ما روي عن عمر وعن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر قال: لولا آخر المسلمين ما فتحت عليهم قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خيبر.
وعنه أنه سمع عمر بن الخطاب يقول: أما والذي نفسي بيده، لولا أن أترك آخر الناس بباناً ليس لهم شيء ما فتحت علي قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خيبر، ولكن أتركها لهم حراثة.
ومعنى بباناً أي باجاً واحداً وشيئاً واحداً.
وعن يزيد بن أبي حبيب قال: كتب عمر إلى سعد حين افتتح العراق: أما بعد. فقد بلغني كتابك، تذكر أن الناس