ابن إسحاق أبو طاهر الأصبهاني المحتسب المعروف بالثغري حدث عن أبي علي محمد بن هارون بن شعيب الأنصاري بسنده إلى علي بن أبي طالب أنه خطب الناس يوماً، فقال في خطبته: وأعجب ما في الإنسان قلبه، وله مواد من الحكمة، وأضداد من خلافها، فإن سنح له الرجاء أولهه الطمع، وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص، وإن ملكه اليأس قتله الأسف، وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ، وإن أسعد بالرضى نسي التحفظ، وإن ناله الخوف شغله الحزن، وأن أصابته مصيبة قصمه الجزع، وإن أفاد مالاً أطغاه الغنى، وإن عضته فاقة شغله البلاء، وإن أجهده الجوع فند به الضعف؛ فكل تقصير به مضر، وكل إفراط له مفسد.
فقام إليه رجل ممن كان شهد معه الجمل، فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرنا عن القدر؟ فقال: بحر عميق فلا تلجه. قال: يا أمير المؤمنين، أخبرنا عن القدر؟ قال: بيت مظلم فلا تدخله، قال: يا أمير المؤمنين، أخبرنا عن القدر؟ قال: سر الله فلا تتكلفه، قال: يا أمير المؤمنين، أخبرنا عن القدر؟ قال: أما إذا أبيت فإنه أمر من أمرين، لا جبر ولا تفويض.
توفي أبو طاهر الثغري سنة أربع وستين وثلاثمائة.
[محمد بن إبراهيم بن محمد السوسي]
ابن يعقوب أبو بكر السوسي شيخ الصوفية بدمشق.
سمع أبو بكر السوسي بدمشق سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة يقول: ما عقدت لنفسي قط على دينار ولا درهم، ولا اغتسلت من مباشرة حلال ولا حرام قط. فقلت: أكنت تحتلم في المنام؟ قال: كان ذلك قبل دخولي في طريق الجد ثم زال عني.