ومن كلام أحمد بن أبي خالد: لا يعدن شجاعاً من لم يكن جواداًن فإن من لم يقدر على نفسه بالبذل لم يقدم على عدوه بالقتل.
وذكر عن بعض أهل العلم أنه قال: كان الناس يقولون: إن الشجاع لا يكون بخيلاً، وإن الشجاعة والبخل لا يجتمعان. وذلك أن من جاد بنفسه كان بماله أجود، حتى نشأ عبد الله بن الزبير فكان من الشجاعة بحيث لا يدانيه كبير أحد وكان من البخل على مثل هذا الحد، وعلى قول من أنكر اجتماع الشجاعة والبخل قوله من البسيط
يجود بالنفس إن ضن الجبان بها ... والجود بالنفس أقصى غاية الجود
قال أحمد بن أبي داود: لما مات أحمد بن أبي خالد وزير المأمون في آخر سنة اثنتي عشرة ومئتين صلى عليه المأمون، ووقف على قبره، فلما دلي في قبره قال: رحمك الله، أنت والله كما قال الشاعر: من الطويل
أخو الجد إن جد الرجال وشمروا ... وذو باطلٍ إن كان في القوم باطل
وقيل: مات في ذي القعدة سنة إحدى عشرة ومئتين.
[أحمد بن يعقوب بن عبد الجبار]
ابن بغاطر بن مصعب بن سعيد بن مسلمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، أبو بكر القرشي الأموي الجرجاني حدث أحمد بن يعقوب بسنده عن الزهري أنه كان عن عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين، فأراد أن يقوم فأجلسه، ثم قدمت المائدة. فلما فرغوا من الأكل قدموا البطيخ، فقال الزهري: يا أمير المؤمنين، روينا عن بعض عمات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنها سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: البطيخ قبل الطعام يغسل البطن غسلاً، ويذهب الداء أصلاً، فقال له عبد الملك لو أخبرتني يابن شهاب قبل هذا لفعلنا كذلك. ثم دعا بصاحب الخزانة فساره في أذنه، فذهب ثم رجع ومعه مئة ألف درهم فأمره فوضعها بين يدي الزهري.