ما تحتاج إليه النساء عند الولادة، وكان قد رآها وشق عليه ما يرى من حالها، وجعل يذكر ما نالها من الشدة والأذى وانقطاع الرفق عنها، ووجدتها في تلك العزلة، فأخرجت إليه الدراهم، فقلت له: تشتري لها بعض ما تحتاج إليه، فأبى أن يقبلها مني وقال: لست آخذها ولا أقبلها بوجه ولا سبب، واشتد ذلك عليه فقلت له: لا أحسب يسعك ردها لما أخبرتني به من حال المرأة، فأبى أن يأخذها مني بتة.
فأخذت الدراهم، وكانت في صرة، فرميت بها إلى الحجرة التي فيها المرأة، وقلت: أيتها المرأة خذي هذه الدراهم، فاصرفيها فيما تحتاجين إليه، ثم التفت إليه فقلت له: أنت لم تأخذها كما قلت، وحرام عليك أن تمنعها، فسكت، ولم تكن له حيلة فيما فعلت. فانصرفت عنه.
[الحسين البرذعي أحد الصالحين]
قال أبو الفرج عبد الوهاب بن علي القرشي: خرجت من دمشق، من أربعين سنة إلى القدس، فصليت فيه ورجعت، ففي رجوعي جئت إلى جب يوسف عليه السلام، قبل الأولى من يوم الخميس، فإذا أنا برجل كهل معه ركوة، فسلمت عليه، وتوضأت أنا وهو من الجب، وصلينا الظهر، فتقدم فصلي بي ثم تقدم فصلي بي العصر، ثم تقدم فصلي بي المغرب، ثم تقدم فصلي بي عشاء الآخرة وأوتر، وكان معي شيء من الطعام فقلت: بسم الله، فأكل منه يسيراً، فقلت له: من يكون الشيخ؟ فقال لي: حسين البرذعي، فقال لي: رأيت؟! إنسان تدركه الجمعة ويخرج ولا يصليها؟ فقلت: يا سيدي نسيت فقال: لا بأس عليك، اخرج.
فخرجنا حتى جئنا إلى جب يوسف، فقال: صل ركعتين، فصليت، ثم قال لي: بسم الله، فخرجنا، فقال: تقرأ علي أو أقرأ عليك؟ فقلت: لا بل أقرأ أنا عليك، فقرأت مئة آية، وغاب القمر، وإذا نحن في ضوء غير ضوء القمر، وإذا نحن نمشي كأننا نمشي على