قال الهلالي: قال لي ولد أبي زكار: لما حضرت أبي الوفاة قال لنا: إذا أنا مت فلا تعترضوا على الخراساني في أمري. فلما توفي أقبل رجل خراساني، فقرع الباب بعكاز معه، ودخل فتولى جميع أمره، وبات عندنا تلك الليلة، فأحضرنا له الطعام، وفيه خلاط، فأكل منه، ثم قدمنا له دجاجة، فقال: لا آكل إلا من لون واحد، فلم يضع يده في غير الخلاط حتى فرغ من طعامه. فودعته بكرةً، فقال لي: كيف حالك؟ فقلت له: إنني فقير، فقال: أيش تقول في البيضاء، وبراق، والمرجانية، هذه ثلاث ضياع نفيسة إن قيل لك خذها ودع شهادة أن لا إله إلا الله كنت تفعل؟ فقلت: سبحن الله! فقال: أما يستحي من له خير من البيضاء، وبراق، والمرجانية أن يشكو الفقر؟! وودعني ومضى.
[أبو الزهراء القشيري]
ممن أدرك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وشهد فتح دمشق، وولي صلح أهل البثنية وحوران من قبل يزيد بن أبي سفيان في خلافة عمر. وأصيبت رجل أخي أبي الزهراء بدمشق يوم دمشق.
ذكر ذلك كله سيف.
قال: وقال أبو الزهراء القشيري في حد عمر من شرب الخمر بالشام: من الطويل
ألم تر أنّ الدّهر يعثر بالفتى ... وليس على صرف المنون بقادر
صبرت ولم أجزع وقد مات إخوتي ... ولست عن الصّهباء يوماً بصابر
رماها أمير المؤمنين بحتفها ... فخلاّنها يبكون حول المعاصر