الدين، وجيراني في الديار، وأعواني على العدو، أفلا تستحيون مما تصنعون؟: تجمعون مالا تاكلون، وتبنون مالا تسكنون، وتأملون ما لا تدركون كالذين من قبلكم بنوا شديداً، وجمعوا كثيراً، وأملوا بعيداً، فأصبحت بيوتهم قبوراً، وجمعهم بوراً، واصبح أملهم غروراً.
[عبد الله أبو يحيى المعروف بالبطال]
كان ينزل أنطاكية. لما أراد عبد الملك بن مروان بن الحكم أن يوجه ملسمة ابنه إلى بلاد الروم قال: قد أمرت عليكم مسلمة بن عبد الملك. قال: وولى على رؤساء أهل الجزيرة والشام البطال، وأقبل على مسلمة فقال: صير على طلائعك البطال، وأمره فليعس باللسيل العسكر، فإنه أمين، ثقة، مقدام، شجاع.
قالوا: وعقد مسلمة للبطال على عشرة آلاف من المسلمين، فجعلهم سيارة فيما بين عسكر المسلمين، وما يليهم من حصون الروم، ومن يتخوفون اعتراضه في نشر المسلمين وعلاقاتهم، ويخرج المسلمون يتعلقون فيما بينهم وبين العسكر، فيصيبون ويخطئون، فيأمن بهم العسكر وتلك العلاقات.
قال البطال: سألني بعض ولاة بني أمية عن أعجب ما كان من أمري مع الروم فقلت: خرجت في سرية ليلاً، ودفعنا إلى قرية، وقلت لأصحابي: أرخوا لجم خيولكم، ولا تحركوا أحداً بقتل ولا سبي حتى تشحنوا القرية فإنهم في نومة. قال: ففعلوا، وافترقوا في أزقتها، وذفعت في ناسٍ من أصحابي إلى بيت يزهر سراجه، وامرأة تسكت ابنها من بكائه، وهي تقول: لتسكتن أو لأدفعنك إلى البطال يذهب بك. فانتشلته من سريره فقال: أمسك يا بطال، فأخذته.