بيمينك. فلم يجبه، فأعاد عليه فقال: هي يا أمير المؤمنين مشغولة. فلما فرغ من طعامه دعا به فقال: ما شغل يدك اليمنى؟ فأخرجها، فإذا هي مقطوعة فقال: ما هذا؟ فقال: أصيبت يدي يوم اليرموك. قال: فمن يوضئك؟ قال: أتوضأ بشمالي، ويعين الله. قال: فأين تريد؟ قال: اليمن، إلى أم لي لم أرها مذ كذا وكذا سنة قال: أوبر أيضاً! فأمر له بخادم وخمسة أباعير من الصدقة وأوقرها له.
[رجل من دمشق]
ركب أبو الدرداء إلى المدينة في نفر من أهل دمشق، ومعهم المصحف الذي جاء به أهل دمشق ليعرضوه على أبي بن كعب وزيد بن ثابت وعلي وأهل المدينة، فقرؤوا على عمر بن الخطاب، فلما قرؤوا هذه الآية " إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية " ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام. فقال عمر: من أقرأكم؟ قالوا: أبي بن كعب. فقال لرجل من أهل المدينة: ادع لي أبي بن كعب. وقال للرجل الدمشقي: انطلق معه. فذهبا، فوجدا أبي بن كعب عند منزله يهنأ بعيراً له بيده، فسلما. ثم قال له المديني: أجب أمير المؤمنين عمر. فقال أبي: ولم دعاني أمير المؤمنين؟ فأخبره بالذي كان. فقال أبي للدمشقي: ما كنتم تنتهون معشر الركيب أو يسترقني منكم شر. ثم جاء إلى عمر وهو مشمر، والقطران على يديه، فلما أتى عمر قال لهم: اقرؤوا. فقرؤوا: ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام فقال أبي: أنا أقرأتهم. فقال عمر لزيد: اقرأ يا زيد. فقرأ زيد قراءة العامة فقال عمر: اللهم لا أعرف إلا هذا. فقال أبي: والله يا عمر، إنك لتعلم أني كنت أحضر وتغيبون، وأدعي وتحجبون، وتصنع بي! والله لأن أحببت لألزمن بيتي فلا أحدث أحداً بشيء.