للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما زلت أرقب حبل الدهر منتظراً ... حتى بليت وحبل الدهر ممدود

أقدم العود قدامي وأتبعه ... وكنت أمشي ولا يمشي بي العود

[شاعرة من كلب]

تزوجها خالد بن يزيد بن معاوية، وحملها إلى دمشق. قيل: إن خالداً خرج حاجاً، فلما رجع إذا هو بشيخ على ماء لكلب أورد إبله، ومعه ابنة له، كأنها ظبية عيطاء تعينه على سقي الإبل، من أتم النساء ما بين قرن إلى قدم، وهي في بردتين لها، قد اتزرت بواحدة، وتدرعت الأخرى. فرأى شيئاً لم ير مثله، فقال لمولى له: انطلق إلى هذا الأعرابي فاخطب علي ابنته، وأعطه ما سأل. فتزوج إياها على مئة من الإبل، وأهديت إليه في البردتين كما رآها، فلم يزدد إلا سروراً، فكانت تسامره، وتنشده أشعار قومها وتفتخر، فلما أغاظته قال: أنسيت البردتين؟ فأعرضت عنه طويلاً، ثم أنشأت تقول: من الطويل

أخالد مهلاً لا يعير بالفقر ... فكم من فتى نذل الخليقة ذي وفر

وآخر محمود الخليقة معوزٍ ... من المال لا يزري به لازم الفقر

ومن ذات بعل في حلي مظاهر ... وترفل في بز العراق وفي العطر

مذممة الأخلاق والغدر همة ... وإن مزجت منها البشاشة بالبشر

حصان لها خلق ودل مبتل ... هضيم الحشا حوراء آلفة الخدر

فلما قدم الشام تلقله عبد الملك بن مروان، فسأله عن سفره فأخبره، وحدثه بحديث الأعرابية وبردتيها، فانصرف عبد الملك إلى نسائه فحدثهن بذلك فقلن: يا أمير المؤمنين أن لو بعثت إلينا ببردتيها حتى ننظر إليهما. فسرح رسولاً، فلما أتى خالداً الرسول قالت: ما كنت لأفعل حتى أوجه إليه بأبيات، فإن استحسن أن ينظر إليهما فهو أعلم. فسرحت إليه: من الكامل

<<  <  ج: ص:  >  >>